الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
قال ابن القيم/ الفوائدك
الناس إذا أرسل الله إليهم الرسل بين أمرين :
إما أن يقول أحدهم آمنا
وإما أن لا يقول آمنا بل يستمر على عمل السيئات
فمن قال آمنا امتحنه الرب عز و جل وابتلاه وألبسه الابتلاء والاختبار ليبين الصادق من الكاذب
ومن لم يقل آمنا فلا يحسب أنه يسبق الرب لتجربته فإن أحدا لن يعجز الله تعالى
هذه سنته تعالى يرسل الرسل إلى الخلق فيكذبهم الناس ويؤذنهم
قال تعالى :
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن
وقال تعالى كذلك:
ما أتي الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون
وقال تعالى :
ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك
ومن آمن بالرسل وأطاعهم عادوه وآذوه فابتلى بما يؤلمه ,
وإن لم يؤمن بهم عوقب فحصل ما يؤلمه أعظم وأدوم
فلا بد من حصول الألم لكل نفس سواء آمنت أم كفرت
لكن المؤمن يحصل له الألم في مدة من الدنيا ابتداء ثم تكون له العاقبة والآخرة
والكافر تحصل له النعمة ابتداء ثم يصير في الألم
سأل رجل الشافعي فقال :يا أبا عبد الله أيما أفضل للرجل أن يمكن ؟أو يبتلي ؟
فقال الشافعي :لا يمُكن حتى يبتلي فإن الله ابتلي نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم
فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة
وهذا اصل عظيم فينبغي للعاقل أن يعرفه وهذا يحصل لكل أحد
فإن الإنسان مدني بالطبع لا بد له من أن يعيش مع الناس والناس لهم إرادات وتصورات يطلبون منه أن يوافقهم عليها وإن لم يوافقوهم آذوه وعذبوه وإن وافقهم حصل له الأذى والعذاب تارة منهم وتاره من غيرهم
ومن اختبر أحواله وأحوال الناس وجد من هذا شيئا كثيرا

و المقصود هنا أنه لا بد من الابتلاء بما يؤذي الناس فلا خلاص لأحد مما يؤذيه البتة ولهذا ذكر الله تعالى في غير موضع انه لا بد أن يبتلي الناس والابتلاء يكون بالسراء والضراء ولا بد أن يبتلى الإنسان بما يسره وبما يسوؤه فهو محتاج إلى أن يكون صابرا شكورا