هى الهدف الرئيسى فى الحياة الزوجية، ويستحق البذل والجهد والعطاء من كلا الطرفين حتى يؤتى هذا الزواج ثمار خير على الزوجين وعلى أولادهم، عمل دراسات والاستماع لبعض المحاضرات مع نصيحة الآباء والأصدقاء، وبحث جميع الأخطاء والمستجدات التى تحيط بهم، التى من شأنها قطع حبل السعادة الزوجية من بيوتنا، فكثيرا من بيوت غابت عنها كل ألوان السعادة والفرح، مع أن الزوجين بذلا قصارى جهدهما، ولكن أعداء البيوت المتربصين هم أكثر مكر وخداع، لأنهم تمكنوا من هؤلاء الزوجين وحققا مطلبهما إذ أوقعوهما فى الأخطاء التى محت صبرهم وجهدهم وتعبهم، وغيبت عنهم سعادة بيوتهم، وذهبت كل جهودهم سدى لأنهم يفتقدوا للخبرة والمراقبة من الآباء والأمهات. 

 


السعادة الحقيقية لكل فتاة وشاب مقبلين على الزواج هو أمنية وهدف كل زوجة، والحلم الوحيد الذى يشغل جميع الفتيات بصفة خاصة عندما تبدأ الأنوثة تطرق باب كل فتاة، انتبه أيها الزوج، وأنت أيتها الزوجة، ابتعدوا كل البعد عن الأعداء مسببين الأخطاء، لأن الخطأ الأشد خطورة الذى يقع فيه كثير من الأزواج إن كانت المرأة أو الرجل والأخص الزوجة، وهو "إفشاء أسرار البيت"، أيتها الزوجة عندما وطأت رجلك عتبة بيتك الجديد أصبحت ملكة هذا البيت ودرته، وأنت ستره وحماه، لتحافظى على بيتك وسعادة زوجك احذرى كل الحذر من الوقوع فى خطأ كبير وهو إفشاء أسرار بيتك وإهمالك لأمانتك التى ائتمنك الله عليها، فالبيت أمانه والزوج والمحافظة عليه أمانه، انتبهي من أن تكون أسرار بيتك موضوعا عاديا عابرا مجرد ثرثرة وفضفضة لإحدى صديقاتك، ظناً منك أن تحافظ صديقتك على سرك، لا والله، فكثير من هؤلاء الصديقات ينقلون جميع كلماتك إلى أزواجهن وأصدقائهن وتدور الدائرة إذ يقوم صديق زوجك بنفس ما قمت به لصديقتك ويثرثر كثيرا لزوجك، وبين ليلة وضحاها تكون بين قاب قوسين وتسقط نظرة زوجك عنك وتذهب ثقته فيك، بعد أن فرطت فى أولى درجات الأمانة التى ائتمنت عليها، عندما أصبحت تاج هذا البيت وجوهرته، صدق الشاعر حين قال: إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه.. فصدر الذى يستودع السر أضيق.

وليعلم كل زوج وكل زوجة بالأخص أن تقربك وتعبدك لله هو مطلب شرعى، خصوصا فى الحفاظ على علاقة الزوجة بالزوج والعكس، وحفظ المرأة لسر زوجها هو مطلب شرعى والدليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أسماء بنت يزيد، أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال: لعل رجلاً يقول ما يفعله بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" فأرم القوم– أى سكتوا ولم يجيبوا– فقالت: أى والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون، قال: "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فغشيها والناس ينظرون" (صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ونستنتج من هذا الحديث بم أكده علماء النفس أن حديث الزوجة عن نفسها بالفضفضة إلى صديقاتها ونشر أسرار بيتها غالبًا ما يصنع من القلق أكثر مما يجلب من الراحة، صحيح أن الراحة قد تكون آنية وعاجلة، لكن القلق حتمًا سيظهر بعد أن تنتشر هذه الأسرار وتجنى الزوجة الندم والخسران، فلا أحد من الرجال يستريح لإفشاء أسرار حياته الزوجية. 

وقديمًا حذرت إمامة بنت الحارث ابنتها فى وصيتها المشهورة قبل زواجها، فقالت: "... فإن أفشيت سره فلن تؤمنى غدره..."، إن أسرار البيوت ليست على درجة واحدة من الأهمية، فهناك أسرار العلاقة الخاصة بين الزوجين، وهذه يجب أن تحتفظ بها الزوجة فى بئر عميق داخل نفسها – وكذلك الزوج – وقد مر علينا تحذير النبى صلى الله عليه وسلم من إفشاء هذه الأسرار. 

وهناك الأسرار المتعلقة بالخلافات بين الزوجين، وهذه تقدر بقدرها، والزوجة العاقلة هى التى تحفظ هذه الأسرار ولا تنقل منها إلا ما يعالج المشكلة، ولكن ليس إلى صديقاتها أو قريباتها، بل إلى من تتوسم فيهم الحكمة ليحققوا النصيحة الإلهية: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}-{النساء:35}- ويجب ألا تبادر الزوجة إلى ذلك بمجرد حدوث المشكلة، وألا تفعل ذلك مع كل صغيرة وكبيرة، فما أكثر المشكلات التى لا تحتاج إلى تدخل من أحد، بل مجرد حنكة وصبر فى الزوجة.

تقول إحدى الأمهات: تزوجت ابنتى منذ عشر سنوات، ما اشتكت إلى ولا إلى والدها من زوجها قط، لم تخبرنى أبدًا عن مشكلة إلا بعد حلها، غاية ما كانت تطلبه منى الدعاء حتى أننى كنت أعرف أنها تواجه مشكلة عندما تلح على فى طلب الدعاء. 

وهناك الأسرار المتعلقة بخصوصيات البيت وهذه أيضًا لا يجوز نشرها حتى لا تصبح الأسرة كتابًا مكشوفًا أمام الآخرين، قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وامرأة لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}[التحريم:10]، قال بعض المفسرين عن هذه الخيانة: إن امرأة نوح كانت تكشف سره فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، أما امرأة لوط فكانت إذا استضاف لوط أحدًا أخبرت أهل المدينة ممن يعملون السوء حتى يأتوا ويفعلوا بهم الفاحشة.