بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم..



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....



حقوق الزوج :


من أهمّ حقوق الزوج حقّ القيمومة ، قال الله تعالى : ( الرِجالُ قوّامُونَ على النِّساءِ بما فَضّلَّ اللهُ بَعضهُم على بَعضٍ وبما أنفقُوا مِن أموالِهم ) (1).


فالاُسرة باعتبارها أصغر وحدة في البناء الاجتماعي بحاجة إلى قيّم ومسؤول عن أفرادها له حقّ الاشراف والتوجيه ومتابعة الأعمال


1 ـ النساء 4 : 34.







(60)


والممارسات ، وقد أوكل الله تعالى هذا الحق إلى الزوج ، فالواجب على الزوجة مراعاة هذا الحق المنسجم مع طبيعة الفوارق البدنية والعاطفية لكلٍّ من الزوجين ، وأن تراعي هذه القيمومة في تعاملها مع الأطفال وتشعرهم بمقام والدهم.


ومن الحقوق المترتبة على حق القيمومة حق الطاعة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدّق من بيتها شيئاً إلاّ باذنه ، ولاتصوم تطوعاً إلاّ باذنه ، ولا تمنعه نفسها ، وإن كانت على ظهر قتب ، ولاتخرج من بيتها إلاّ بإذنه ... » (1).


حتى إنّه ورد كراهة إطالة الصلاة من قبل المرأة لكي تتهرب من زوجها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تطوّلن صلاتكن لتمنعنَّ أزواجكن » (2).


ويجب عليها احراز رضاه في أدائها للأعمال المستحبة ، فلا يجوز لها الاعتكاف المستحب إلاّ باذنه (3) ، ولا يجوز لها أن تحجّ استحباباً إلاّ باذنه ، وإذا نذرت الحج بغير إذنه لم ينعقد نذرها (4).


ومن أجل تعميق العلاقات العاطفية وإدامة الروابط الروحية وادخال السرور والمتعة في نفس الزوج ، يستحب للمرأة الاهتمام بمقدمات ذلك ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : يا رسول الله ، ما حقّ الزوج على المرأة ؟ قال : أكثر من ذلك ،


1 ـ من لا يحضره الفقيه 3 : 277.


2 ـ الكافي 5 : 508.


3 ـ الكافي في الفقه : 187.


4 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 191.





(61)


فقالت : فخبّرني عن شيء منه فقال : ليس لها أن تصوم إلاّ باذنه ـ يعني تطوعاً ـ ولا تخرج من بيتها إلاّ باذنه ، وعليها أن تطّيّب بأطيب طيبها ، وتلبس أحسن ثيابها ، وتزيّن بأحسن زينتها ، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية وأكثر من ذلك حقوقه عليها » (1).


ويستحب لها كما يقول الإمام علي بن الحسين عليه السلام : «.. إظهار العشق له بالخلابة والهيئة الحسنة لها في عينه » (2).


وفي رواية (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقتني ، وإذا خرجت شيّعتني ، وإذا رأتني مهموماً قالت : مايهمّك ، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك ، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « بشرها بالجنة ، وقل لها : إنّك عاملة من عمّال الله ، ولك في كلِّ يوم أجر سبعين شهيداً ».


 


وفي رواية : « إنّ لله عزَّ وجلَّ عمّالاً ، وهذه من عمّاله ، لها نصف أجر الشهيد » (3).


ويحرم على الزوجة أن تعمل ما يسخط زوجها ويؤلمه في ما يتعلق بالحقوق العائدة إليه ، كادخال بيته من يكرهه ، أو سوء خُلقها معه ، أو اسماعه الكلمات المثيرة وغير اللائقة.


قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل منها


1 ـ الكافي 5 : 508.


2 ـ تحف العقول : 239.


3 ـ مكارم الاخلاق : 200.





(62)


صرفا ولا عدلاً ولا حسنة من عملها حتى ترضيه » (1).


وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ ، لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها ، وأيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها ، لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها ، كغسلها من جنابتها » (2).


ويحرم على الزوجة أن تهجر زوجها دون مبرر شرعي (3) ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة حشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون في الدرك الأسفل من النار إلاّ أن تتوب وترجع » (4).


ومن أجل الحيلولة دون تمادي الزوجة غير المطيعة في ارتكاب الممارسات الخاطئة التي تخلق أجواء التوتر في الاُسرة ، جعل الإسلام للزوج حق استخدام العقوبات المؤدبة لها إذا لم ينفع معها الوعظ والارشاد ، وتندرج العقوبة من الأخف أولاً ثم الأشد ثانياً حسب حال المرأة ومقدار نشوزها واعراضها وعدم طاعتها بعد بذل النصيحة والموعظة ، قال الله تعالى : ( ... واللاتي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهنَّ واهجُرُوهُنَّ في المضاجعِ واضرِبُوهُنَّ فإنَّ أطعنّكُم فلا تَبغُوا عَليهنَّ سَبيلاً ... ) (5).


1 ـ مكارم الاخلاق : 202.


2 ـ الكافي 5 : 507.


3 ـ جواهر الكلام 31 : 201. ومنهاج الصالحين ، المعاملات : 103.


4 ـ مكارم الاخلاق : 202.


5 ـ سورة النساء : 4 / 34.





(63)


فتجوز له العقوبة إذا منعته من نفسها ، وتسلّطت عليه بالقول أو الفعل ، فيبدأ بوعظها وتخويفها من الله تعالى ، فإن أثّر ذلك وإلاّ هجرها بالاعراض عنها في مدخله ومخرجه ومبيته من غير اخلال بما يحفظ حياتها من غذاء ولباس ، فان أثّر ذلك وإلاّ ضربها ضرباً غير مبرّح ، وإن خرجت من منزله بغير إذنه أو باذنه وامتنعت عن الرجوع إليه فله ردّها ، وإن أبت فله تأديبها بالاعراض عنها وقطع الانفاق (1).


وأكدت الروايات على مراعاة حق الزوج ، واتّباع الأساليب الشيّقة في ادامة أواصر الحبّ والوئام ، وخلق أجواء الانسجام والمعاشرة الحسنة داخل الاُسرة ، فجعل الإمام الباقر عليه السلام حسن التبعل جهاداً للمرأة فقال عليه السلام : « جهاد المرأة حسن التبعل » (2).


ولأهمية مراعاة هذا الحق قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تؤدي المرأة حقّ الله عزَّ وجلَّ حتى تؤدي حقّ زوجها » (3).


وذكر صلى الله عليه وآله وسلم طاعة الزوج في سياق ذكره لسائر العبادات والطاعات التي توجب دخول الجنة ، حيث قال : « إذا صلّت المرأة خَمسها ، وصامت شهرها ، وأحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ، فلتدخل من أيّ أبواب الجنة شاءت » (4).


ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام منهجاً في العلاقات بين


1 ـ الكافي في الفقه : 294.


2 ـ من لا يحضره الفقيه 3 : 278.


3 ـ مكارم الاخلاق : 215.


4 ـ مكارم الاخلاق : 201.





(64)


الزوجين يعصم الحياة الزوجية من التصدّع والاضطراب ، فأكد على الزوجة أن لا تكلف زوجها مالا يطيق في أمر النفقة ، وهو أمر يسبب كثيراً من المتاعب في الحياة الزوجية ويضرّ بصفوها وانسجامها.


قال صلى الله عليه وآله وسلم : « أيّما امرأة أدخلت على زوجها في أمر النفقة وكلّفته ما لا يطيق ، لا يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً إلاّ أن تتوب وترجع وتطلب منه طاقته » (1).


وحث صلى الله عليه وآله وسلم المرأة على اصلاح شؤون البيت واستقبال الزوج بأحسن استقبال فقال : « حقّ الرجل على المرأة إنارة السراج ، واصلاح الطعام ، وان تستقبله عند باب بيتها فترحب به ، وأن تقدّم إليه الطشت والمنديل ... » (2) .


ويستحب للزوجة أن تكسب رضا الزوج وتنال مودته ، قال الامام جعفر الصادق عليه السلام : « خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها : يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى عني » (3).


وجعل الإمام محمد الباقر عليه السلام رضا الزوج على زوجته شفيعاً لها عند الله تعالى ، فقال : « لا شفيع للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجها ، ولمّا ماتت فاطمة عليها السلام قام عليها أمير المؤمنين عليه السلام وقال : اللهمّ إنّي راضٍ عن ابنت نبيك ، اللهمّ إنّها قد أوحشت فآنسها » (4).


1 ـ مكارم الاخلاق : 202.


2 ـ مكارم الاخلاق : 215.


3 ـ مكارم الاخلاق : 200.


4 ـ بحار الانوار 103 : 257.





(65)


ومن أجل التغلب على المشاكل المعكّرة لصفو المودة والوئام ، يستحب للزوجة أن تصبر على أذى الزوج ، فلا تقابل الأذى بالأذى والاساءة بالاساءة ؛ لأنّ ذلك من شأنه أن يغمر أجواء الاُسرة بالتوترات الدائمة والمشاكل التي لا تنقضي ، والصبر هو الاُسلوب القادر على ايصال العلاقات الى الانسجام التام بعودة الزوج إلى سلوكه المنطقي الهادىء ، فلا يبقى له مبرر للاصرار على سلوكه غير المقبول ، قال الإمام الباقر عليه السلام : « وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته » (1).


ومن آثار مراعاة الزوجة لحقوق الزوج في الوسط الاُسري أن تصبح له مكانة محترمة في نفوس أبنائه ، فيحفظون له مقامه ، ويؤدون له حق القيمومة فيطيعون أوامره ، ويستجيبون لارشاداته ونصائحه ، فتسير العملية التربوية سيراً متكاملاً ، ويعمّ الاستقرار والطمأنينة جوّ الاُسرة بأكمله ، وتنتهي جميع ألوان وأنواع المشاحنات والتوترات المحتملة.