السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

لست بحاجة للتعريف بشخص ابن تيمية والعصر الذي عاش فيه رحمه الله
وما تعرض له من عداء وهجوم وسجن وتعذيب واعتداء
وكيف كان رحمه الله يقابل ذلك بتسامح وعفو وصفح
لقد كان شيخ الإسلام يدرك أن الاختلاف أمر طبيعي بل حتمي في هذه الكون
وهذه سنة إلهية حيث بيّن الله سبحانه وتعالي أن الناس في اختلاف
وأنهم لا يزالون كذلك
وأن الخلاف لا يعرف أحقيته أو بطلانه من كثرة الأعداد أو قلتها وأن الحق لا يرتبط بالأشخاص ولا بالدول ولا بالمؤسسات
والحق أصيل وقديم
وهو الغالب بالكلمة والحجة والبرهان
وأن الحق لا يحتاج إلى أشخاص يجيدون الشتائم والسباب
وأن الحق لا يريد إقصاء الآخر ، ولا إلغاء شخصه، ولا الانتقام منه
بل الحوار معه ، في جو يكفل المساواة في الفرص والإمكانات
وكما أن الحق ظاهر فإنه لا يزال في صراع حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

ولولا قيمة هذا الصراع لما أوجده الله
فالله سبحانه وتعالى لا يوجد - إطلاقا - شرا محضا
ولا يوجد في مخلوقات الله شرور معدومة الخيريّة بوجه من الوجوه
بل لا توجد مصيبة ولا شر، كموت الأنبياء والصالحون ، أو انتكاسة من انتكس ، أو زوال مظهر من مظاهر الخير
إلا وفيه خير ظاهر أو باطن علمه من علمه وجهله من جهله ، فلله الحكمة البالغة كما له الحجة البالغة
ولو شاء لهدى الناس جميعا ، ولكن الحياة أرض بلاء ومحك اختبار ودار عمل
فمن شاء فليقدم لنفسه من الأعمال والأقوال ما ستنفعه يوم القصاص الأكبر
لكن العجيب من مواقف التسامح أن تكون في موقف القوة والغلبة
وأن يكون لك الحق
فإذا تسامحت مع من ظلمك وهو تحت سطوتك
كنت حقاً متسامحاً كريم الخلق والنفس...