نسب خباب بن الأرت

هو خباب بن الأَرَتّ بن جندلة التميمي، ويقال الخزاعي أبو عبد الله، سُبِي في الجاهلية فبيع في مكة، فكان مولى أم أنمار الخزاعية، حالف بني زهرة، وكان من السابقين الأولين

حال خباب بن الأرت في الجاهلية :

دفعت أم أنمار غلامها إلى أحد الحدادين في مكة ليعلمه صناعة السيوف، فما أسرع أن أتقن الغلام الصنعة، وتمكّن منها أحسن تمكن. ولما اشتد ساعد خباب وصلب عوده استأجرت أم أنمار دكانًا، واشترت له عدة، وجعلت تستثمر مهارته في صنع السيوف. لم يمضِ غير قليل على خباب حتى شهر في مكة، وجعل الناس يقبلون على شراء سيوفه؛ لما كان يتحلى به من الأمانة والصدق وإتقان الصنعة.

وكان خباب -على حداثة سنِّه- يتحلى بعقل الكلمة وحكمة الشيوخ؛ فكان كثيرًا ما يفكر في هذا المجتمع الجاهلي الذي غرق في الفساد من أخمص قدميه إلى قمة رأسه، راجيًا أن يرى بعينه مصرع الظلام، ومولد النور.

قصة إسلام خباب بن الأرت :

لم يطل انتظار خباب كثيرًا، فقد ترامى إليه أن خيطًا من نور قد تألق من فم فتى من خيرة بني هاشم، يُدعى محمد بن عبد الله، فمضى إليه وسمع منه فغمره سناه، فبسط يده إليه وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فكان سادس ستة أسلموا على ظهر الأرض. وقد أسلم خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 قبل أن يدخل رسول الله خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 دار الأرقم.

أثر الرسول في تربية خباب بن الأرت :

روى البخاري بسنده عن خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 قال: أتيت النبي خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 وهو متوسد بُرْدَةً وهو في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت: يا رسول الله، ألا تدعو الله. فقعد وهو محمر وجهه، فقال: "لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، مَا يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ".

وفي البخاري أيضًا عن قيس قال: أتينا خباب بن الأرت خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 نعوده وقد اكتوى سبعًا، فقال: لولا أن رسول الله خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.

أهم ملامح شخصية خباب بن الأرت :

جرأة خباب بن الأرت :

لم يكتم خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 إسلامه عن أحد، فما لبث أن بلغ خبره أم أنمار فاستشاطت غضبًا وتميزت غيظًا، وصحبت أخاها "سباع بن عبد العزى" ولحق بهما جماعة من فتيان خزاعة ومضر جميعًا إلى خباب، فوجدوه منهمكًا في عمله، فأقبل عليه "سباع" وقال: لقد بلغنا عنك نبأ لم نصدقه. فقال خباب: وما هو؟ فقال سباع: يشاع أنك صبأت، وتبعت غلام ابن هاشم. فقال خباب في هدوء: ما صبأت، وإنما آمنت بالله وحده لا شريك له، ونبذت أصنامكم، وشهدت أن محمدًا عبد الله ورسوله.

فما أن لامست كلمات خباب مسامع "سباع" ومن معه حتى انهالوا عليه، وجعلوا يضربونه بأيديهم ويركلونه بأقدامهم، ويقذفونه بما يصلون إليه من المطارق وقطع الحديد، حتى هَوَى على الأرض فاقد الوعي والدماء تنزف منه.

ثباته على الإسلام وصبره :

ومع كل ما تعرض له من التعذيب الشديد على يد مشركي مكة، فإنه ثبت على الحق كالجبال، ورفض جميع أنواع الإغراءات ليرتد عن دينه؛ يروي البخاري بسنده عن خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 قال: كنت قَيْنًا بمكة، فعملت للعاص بن وائل السهمي سيفًا، فجئت أتقاضاه، فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد. قلت: لا أكفر بمحمد خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20حتى يميتك الله ثم يحييك. قال: إذا أماتني الله ثم بعثني ولي مال وولد. فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}[مريم: 77، 78].

خوفه وتقواه :

وقد اغتنى خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 في الشطر الأخير من حياته بعد فقر، وملك ما لم يكن يحلم به من الذهب والفضة، غير أنه تصرف في ماله على وجه لا يخطر ببال أحد؛ فقد وضع دراهمه ودنانيره في موضع بيته، يعرفه ذوو الحاجات من الفقراء والمساكين، ولم يشدد عليه رباطًا، ولم يحكم عليه قفلاً، فكانوا يأتون داره ويأخذون منه ما يشاءون دون سؤال أو استئذان. ومع ذلك فقد كان يخشى أن يحاسب على ذلك المال وأن يعذب بسببه.

بعض مواقف خباب بن الأرت مع الرسول خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 :

عن عبد الله بن خباب بن الأَرَتّ عن أبيه -وكان قد شهد بدرًا مع رسول الله خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 : أنه راقب رسول الله خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 الليلة كلها حتى كان مع الفجر، فلما سلم رسول الله خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 من صلاته، جاءه خباب فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها. فقال رسول الله خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20 : "أجل، إنها صلاة رغب ورهب، سألت ربيU فيها ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربيU أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها، وسألت ربيU أن لا يظهر علينا عدوًّا من غيرنا فأعطانيها، وسألت ربي أن لا يلبسنا شيعًا فمنعنيها".

من مواقف خباب بن الأرت مع الصحابة :

دخل خباب بن الأرت خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 على عمر بن الخطاب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 فأجلسه على متكئه وقال: ما على الأرض أحد أحق بهذا المجلس من هذا إلا رجل واحد. قال له خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: بلال خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20. فقال خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20: ما هو بأحق مني؛ إن بلالاً كان له في المشركين من يمنعه الله به، ولم يكن لي أحد يمنعني، فلقد رأيتني يومًا أخذوني فأوقدوا لي نارًا، ثم سلقوني فيها، ثم وضع رجل رجله على صدري، فما اتّقيت الأرض إلا بظهري. قال: ثم كشف عن ظهره، فإذا هو قد برص خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20.

أثر خباب بن الأرت في الآخرين :

أثر خباب في إسلام عمر :

كان خباب بن الأرت خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن، فخرج عمر خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 يومًا متوشحًا سيفه يريد قتل رسول الله خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20، فذكروا له أنهم اجتمعوا في بيت عند الصفا، فلقيه نعيم بن عبد الله فأخبره بإسلام أخته فاطمة بنت الخطاب وزوجهاسعيد بن زيد بن عمرو، فرجع عمر عامدًا إلى أخته وزوجها وعندهما خباب بن الأرت خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 معه صحيفة فيها "طه" يقرئهما إياها، فلما سمعوا صوت عمر تغيَّب خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 في بعض البيت، فأخبرهما بما سمع وبطش بزوج أخته سعيد بن زيد، فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها فضربها فشجَّها، فلما فعل ذلك قالت له أخته وزوجها: نعم، لقد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك. فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع، وطلب من أخته الصحيفة ليقرأها، فأمرته أن يغتسل حتى تعطيه الصحيفة، فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها "طه" فقرأها، فلما قرأ منها صدرًا، قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!

فلما سمع ذلك خباب بن الأرت خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 خرج إليه فقال له: والله يا عمر، إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه خباب بن الأرت رضي الله عنه  R_20، فإني سمعته أمسِ وهو يقول: "اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب"، فاللهَ الله يا عمر. فقال عند ذلك: فدلني يا خباب على محمدٍ حتى آتيه فأسلم. فقال له خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20: هو في بيت عند الصفا، معه نفر من أصحابه. وذهب عمر خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 وأسلم.

وفاة خباب بن الأرت :

تُوفِّي خباب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 بالكوفة سنة سبع وثلاثين، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وصلى عليه علي بن أبي طالب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 حين منصرفه من صفين، ثم وقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خباب بن الأرت رضي الله عنه  T_20 على قبره قائلاً: رحم الله خبابًا، فلقد أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا.