لا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام عند دخوله مكة كان يستعرض شريطاً كاملاً للذكريات، ومر على ذهنه صلى الله عليه وسلم وهو يدخل مكة بهذا الدخول العظيم الفاتح، تذكر هنا كانت الطفولة والشباب، وهنا نزل عليه جبريل عليه السلام للمرة الأولى، وهنا كانت خديجة رضي الله عنها، ذكريات (25) سنة كاملة، ذكريات الجهاد والصبر حتى الوفاة.

هنا مرت لحظات سعيدة جداً على المسلمين، لحظة يوم أسلم الصديق ويوم أسلم عمر ويوم أسلم عثمان وعلي وحمزة وأبو عبيدة وسعد .. ذكريات جميلة، هنا دار الأرقم بكل ذكرياته الجميلة أيضاً.

وهنا في نفس الوقت الصبر والكفاح والثبات، فمن هنا خرج المهاجرون إلى الحبشة، ومن هنا خرج المهاجرون أيضاً إلى المدينة المنورة، ومن هنا خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق في هجرة صعبة في مطاردة شرسة، وزعماء الكفر جميعاً قد جندوا أنفسهم لحربه أو لقتله، يلتفت إلى مكة حال خروجه منها ويقول: (والله إنكِ لأحب بلاد الله إليّ، ولولا أن أهلكِ أخرجوني منكِ ما خرجت)

و نسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يرفع رايات الموحدين، وأن يرينا يوماً تفتح فيه بلاد الأرض بالإسلام ويظهر فيه الدين، ويعز الله عز وجل فيه المؤمنين، ويذل فيه المشركين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
للشيخ : ( راغب السرجاني )