قرأت لبعض الأصوليين كالغزالي في المستصفى والآمدي في الإحكام في باب النسخ : أن آية الرجم كانت في القرآن ثم نسخت وبقي الحكم , وقالوا بجواز نسخ الحكم والتلاوة معا ومثلوا له بآية الرضاع ونقل السيوطي في الإتقان جملة من الأخبار الواردة في ذلك فهل تصح ؟

وهنا أسئلة : 1_ هل نسخ التلاوة جائز عقلا , وكيف ينسخ اللفظ ويبقى الحكم واللفظ المتلو هو الدال عليه ؟؟ فينبغي إن رفع اللفظ ارتفع الحكم معه ؟
2_إن صحت أخبار النسخ فهي لا ترقى إلى التواتر والجمهور على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد فكيف يصح ذلك ؟ وهذا يمكن أن يجر بعض الشيعة لعنهم الله إلى القول بتحريف القرآن .




ناقش بعض اهل العلم هذا الموضوع ومخلص بعض الردود ما يلي:

الجمهور على جواز نسخ التلاوة وخالف بعض المعتزلة وبعض اهل العلم ونسخ التلاوة نوعان:

نسخ التلاوة والحكم معا ومثاله ما تم ذكره من حديث عائشة في الرضاعة ورواه مسلم وغيره ونصه :" كان فيما أُنزل: عشر رضعات معلومات يُحرّمن، فنسخن بخمس معلومات، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يُقرأ من القرآن"
وقولها وهن مما يُقرأ من القرآن" ظاهره بقاء التلاوة وليس كذلك فإنه غير موجود في المصحف العثماني وأجيب بأن المراد قارب الوفاة

والأظهر أن التلاوة نُسخت ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفّي وبعض الناس يقرؤها.

وحكى القاضي ابو بكر المعافري في كتابه الانتصار عن قوم إنكار هذا القسم لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال القرآن ونسخه بأخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال القرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها تفيد القطع ولكنها ظنية.

ويُجاب على ذلك بأن ثبوت النسخ شيء وثبوت نزول القرآن شيء آخر فثبوت النسخ يكفي فيه الدليل الظني بخبر الآحاد أما ثبوت نزول القرآن فهو الذي يُشترط فيه الدليل القطعي بالخبر المتواتر والذي معنا ثبوت النسخ لا ثبوت القرآن فيكفي فيه أخبار الآحاد.
ولو قيل إن هذه القراءة لم تثبت بالتواتر لصح ذلك.

والنوع الثاني: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم وقد ذكروا له أمثلة كثيرة منها آية الرجم ((والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم)) ومنها ما روي في الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قُتلوا وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على قاتليهم قال أنس ونزل فيهم قرآنا قرأناه حتى رُفع ((أن بلّغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا)) ثم نُسخت تلاوته وهذا ايضا خبر آحاد

وايضا أورد عليه بعض العلماء إن الآية والحكم المستفاد منها متلازمان لأن الآية دليل على الحكم فإذا نُسخت الآية نُسخ حكمها وإلا وقع الناس في لبس

ويجاب عن ذلك ببأن هذا التلازم يسلمّ لو لم ينصب الشارع دليلا على نسخ التلاوة وعلى إبقاء الحكم أما وقد نصب الدليل على نسخ التلاوة وحدها وعلى إبقاء الحكم واستمراره فإن التلازم يكون باطلا وينتفي اللبس بهذا الدليل الشرعي الذي يدل على نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.

وقال بعضهم: ان ما يتعلق بالنصوص القرآنية من التعبد بلفظها وجواز الصلاة بها وحرمتها على الجنب في قراءتها ومسها شبيه كل الشبه بما يتعلق بها من دلالتها على الوحوب والحرمة ونحوهما في أن كلا من هذه المذكورات حكم شرعي يتعلق بالنص الكريم وقد تقتضي المصلحة نسخ الجميع وقد تقتضي نسخ بعض هذه المذكورات دون بعض وإذن يجوز أن تنسخ الآية تلاوة وحكما.
ويجوز ان تنسخ تلاوة لا حكما ويجوز أن تنسخ حكما لا تلاوة.