(( أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ))  Bsm-allah3
قال الله تعالى: * وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ

الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ * (سورة هود : 59 - 60) .

في هاتين الآيتين مسائل منها :

1 – قوله تعالى : (وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ) والكلام عن قبيلة عاد والرّسول المرسَل إليهم واحد وهو هود عليه السّلام ؟ فلماذا

لم يقل : (وعصوا رسوله) ؟

2 - من المعلوم أنّ (عاد) هي القبيلة التّي أرسل إليها هود عليه السّلام كما جاء في أوّل القصّة: * وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا *

(آية:50)

فلماذا جاءت زيادة جملة (قوم هود) في قوله تعالى : (أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ) ؟

الجواب :

أوّلاً : قال تعالى : * وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ * ولم يقل : (وعصوا رسوله) لأنّ الرّسل جميعاً قد جاؤوا بعقيدة واحدة وهي عقيدة

التّوحيد قال تعالى: * وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ * (سورة الأنبياء آية : 25)

وجاؤوا بدين واحد كما قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم : ((الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلاَّتٍ وَأُمَّهَاتُهُم شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ ..)) ..

(رواه مسلم) ..

فمن كذّب رسولاً واحدا فقد كذّب جميع الرّسل لذلك نلحظ أنّ هذا المعنى قد تكرّر في آيات كثيرة كما في قوله تعالى: * كَذَّبَتْ

قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ* (سورة الشعراء آية : 105) مع أنّ النّبي المرسل إليهم واحد وهو (نوح عليه السّلام) ..

وقوله تعالى : * كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * (الشعراء:141) مع أنّ النّبي المُرسَل إليهم واحد وهو صالح عليه السّلام ،

وهكذا ..

لذلك قال تعالى هنا : (وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ) لأنّ (عاد) لمّا كذّبوا نبيّ الله هوداً عليه السّلام فقد كذّبوا بذلك جميع الرّسل والأنبياء

فتأمّل ...

ثـانيـاً : قال تعالى : * أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ * بزيادة (قوم هود) ولم تأت مثل تلك الزّيادة في ثمود إنّما قال : * أَلاَ بُعْدًا

لِّثَمُودَ * (هود آية : 68) ...

فزيادة جملة (قوم هود) أضافت إلى الآية معاني أخرى منها :

1 – التّأكيد والمبالغة في التّنصيص ، والتّشهير بالقوم وإذاعة لجريمتهم في النّاس وبيان أنّ أولئك القوم إنّما استحقّوا

العقاب الذي حلّ بهم بسبب كفرهم وعنادهم ...

2 – النسبة بذكر هود عليه السلام وبيان أنّ قومه إنّما استحقّوا الهلاك بسببه تكذيبهم له،كأنّ المعنى: (عاد قوم هود

الذين كذبوه) وهذا ذمٌّ لهم بإعراضهم عن طاعة رسولهم... وفيه تعريض بالمشركين من العرب ..

3 – قوله تعالى: *أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ* بزيادة جملة (قوم هود) لأنّ (عاد) اسم يطلق على قبيلتين اثنتين وكلاهما

من عقِبِ عاد ابن عوض ابن إرم بن سام بن نوح فقيل للأولين منهم (إرم) تسمية لهم باسم جدّهم كما يقال لبني هاشم:

(هاشم) كما في قوله تعالى: * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * (الفجر :6 -7) وهم قوم هود وهم كذلك

(عاد الأولى) كما جاء في قوله تعالى : * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى * (سورة القمر آية : 50)

وقيل لمن جاء بعدهم (عاد الأخيرة) ....

ف (عاد) إذن إسم يطلق على قبيلتين ، وقوله تعالى : * أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ * هذه الزّيادة هي (عطف بيان) لعاد

وفائدتها هنا تمييز (عاد الأولى) التي هي (قوم هود) عن (عاد الثّانية) فجاءت هذه الزّيادة لتُزيل ما قد يقع من لبس

واشتباه بين القبيلتين،وكأنّ المعنى: (ألا بعدا لعاد التي هي قوم هود بالذّات لأنّ هنالك عاداً أخرى ليسوا من جماعتهم)

فتأمّل كيف جاءت هذه الزيادة بكلّ تلك المعاني الرّائعة كما أنّها جاءت متناسبة ومتناسقة مع فواصل ورؤوس الآيات ...

والله أعلم ..

والحمد لله ربّ العالمين ...