الفرق بين قوله اعز من قائل ((عِبَادِيَ )) وقوله (((عِبَادِ ))  Bsm-allah3
الســــــــــــــلام عليكم ورحمه الله وبركاته



*ما الفرق بين كلمة (عبادي) في سورة العنكبوت وكلمة (عباد) في سورة الزمر؟ (د.فاضل السامرائى)



قال تعالى في سورة العنكبوت(يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57))



وقال في سورة الزمر(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُواْ الْأَلْبَابِ (9) قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10))



وإذا لاحظنا الآيات في كلتا السورتين نجد أن بينهما فروقات كثيرة ليس فقط في ذكر وحذف الياء من كلمة عبادي. والتعبير القرآني مقصود وكل حذف وإضافة مقصود أن يوضع في مكانه.



في سورة العنكبوت ذكر ياء المتكلم في قوله تعالى (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا) أما في آية سورة الزمر أُشير إلى ياء المتكلم بالكسرة فجاءت عباد (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا) وفي الحالتين أضيفت ياء المتكلم ففي الأولي هي موجودة وفي الثانية محذوفة ومشار إليها بالكسرة.



وكلمة عبادي تدل على أن مجموعة العباد الذين يناديهم الله تعالى ويخاطبهم أوسع والاقتطاع من الكلمة (عِبَادِ) يقتطع جزء من العباد المخاطبين.



وأحياناً يُقتطع من الفعل أو يكون مكتملاً ولهما حالة إعرابية واحدة والاقتطاع جائز في اللغة ولكن له سبب يتعلق بطول الحدث أو اتساعه.



وكلمة عباد هي تدل على عدد أقل من عبادي .



ومن أشهر أحوال اقتطاع ياء المتكلم هي حذف للياء واستبدالها بالكسرة مثل قوله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِ) وقوله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر) بذكر الياء لأن المسرفون هم كثر لذا جاءت عبادي بياء المتكلم.



وقوله تعالى((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان)) جاءت عبادي بذكر ياء المتكلم لأنها تشمل كل العباد.



أما قوله تعالى (فَبَشِّرْ عِبَاد) حذفت الياء لأنهم طائفة أقل فالذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه هم قليل حتى أنه لم يقل فيتبعون الحسن وإنما قال الأحسن فكان المخاطبين قلة.



وفي قوله تعالى في آية سورة العنكبوت (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) العنكبوت) تدل على أن العبادة أوسع من التقوى فالكثير من الناس يقوم بالعبادة لكن القليل منهم هم المتقون.



قال تعالى في سورة العنكبوت (إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) العباد عباده والأرض أرضه ولإضافة الياء إلى كلمة عبادي والأرض ناسب سعة العباد سعة الأرض فأكدها بـ (إن) أما في آية سورة الزمر (وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ) لم يقتضي التأكيد للأرض بأنها واسعة وإنما جاءت فقط (وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ).



. وجاء في سورة العنكبوت (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)) وهي تشمل جميع العباد ثم قوله تعالى (ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) جعلها مع الطبقة الواسعة (عِبَادِيَ).



أما في سورة الزمر (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)) الصابرون هم قلة فناسب سياق الآية كلها الطبقة القليلة مع عباد.



. وإذا استعرضنا الآيات في السورتين لوجدنا أن ضمير المتكلم تكرر 5 مرات في سورة العنكبوت (عِبَادِيَ ، إِيَّايَ ، اعْبُدُونِ ، إِلَيْنَا ، أَرْضِي) بينما جاء في سورة الزمر ضمير محذوف (قُلْ يَا عِبَادِ).



. آيات سورة العنكبوت مبنية على التكلّم بينما آيات سورة الزمر مبنية على الغيبة أي خطاب غير مباشر وتبليغ في استخدام ( قل).



وسياق الآيات في سورة العنكبوت مبني على ضمير ذكر النفس



(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ) فالله تعالى يُظهر ذاته العليّة ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي) (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم)



(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ )(يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا) (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا) (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)



أما سورة الزمر فمبنية على ضمير الغيبة



كلها (قُلْ يَا عِبَاد) (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّين) (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاء) (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُم) (دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْه) (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه) إلى آخر السورة (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُم).





وهنا يأتي سؤال آخر وهو لماذا جاءت (قُلْ) في ايات سورة الزمر ولم ترد بكثرة في ايات سورة العنكبوت؟



نقول أن سياق الآيات مبني على التبليغ في سورة الزمر بينما في العنكبوت السياق مبني على ذكر النفس وليس التبليغ.



وفي سورة الزمر الامربالتبليغ تكرر 14مرة


{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}[الزمر : 8]



{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر : 9]



{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر : 10]



{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}[الزمر : 11]



{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الزمر : 13]



{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي}[الزمر : 14]



{فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزمر : 15]



{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}[الزمر : 38]



{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}[الزمر : 39]



{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ}[الزمر : 43]



{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[الزمر : 44]



{قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[الزمر : 46]



{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر : 53]



{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}[الزمر : 64]





أما في سورة العنكبوت فقد وردت اربع مرات فقط.


{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[العنكبوت : 20]



{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ}[العنكبوت : 50]



{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[العنكبوت : 52]



{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}[العنكبوت : 63]





من حيث الإعراب (عِبَادِيَ و عِبَاد) واحد، (عِبَادِيَ) عباد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه وفي (عِبَاد) هذه تقديراً، مضاف ومضاف إليه مركب.



هذه من خصوصيات الاستعمال القرآني.


المرجع / لمسات بيانيه للدكتور فاضل سامرائي