يصح القياس - والله تعالى اعلم - بمجرد المناسبة المعقولة ، ولو لم تكن المسألة حادثة ، فنعدل عن الحكم الثابت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى حكم جديد لمصلحة معيّنة ، ولعلنا نقيد ذلم بما لا نص صريح فيه .
فالمناسب المرسل، وهو الذي لم يشهد له أصل معين بالاعتبار، ولا بالإلغاء، وهو المصلحة المرسلة ، وهو من الأدلة المختلف فيها.
ومثاله: قياس شارب الخمر على القاذف؛ حيث إن الناس لما استحقروا الحد المشروع في الخمر جمع عمر بن الخطاب كثيراً من الصحابة وشاورهم في الأمر، فقال علي " من شرب سكر، ومن سكر هذى، ومن هذى افترى، فأرى أن عليه حد المفتري " فأخذوا بقوله؛ أخذاً بالمصلحة.

وهنا تلاحظ أنّ الصحابة لم يقيسوا بعلّة معيّنة ، ولم يستشكلوا القياس بهذه الطريقة ، بل كان معمولا عندهم أن تقيس لأي مناسبه معقولة ، ولا يلزم الاتفاق في العلّة ، وينبغي أن يكون هذا فيما ليس فيه علّة ؛ لأنّ ترك القياس عند وجود العلّة والأخذ بأي مناسبة خلاف فعل العقلاء ، إلا من باب السياسة والمصلحة العامة والقواعد العامة كأنها ضرورة أو حاجة .

ولو قال قائل : بما أنّ الصحابة جوّزوا القياس بمجرد المناسبة في مسألة لا نص صريح في تحديد الحد والحكم ، فنعمّ/ الحكم ، فنقول بجوازه في كل مسألة إذا وجدت المصلحة ، فيكون قياس على قياس ، أو تعميم للمسألة ،
وهذا يشبه قول من جعل أن تحقيق المصلحة في أي حكم يكون حكما للشارع ؛ لأنهم يرون أن مقصود الشارع تحقيق الأهداف العامة كالعدل والأمان ووووو ، وأما الأحكام التفصيلية فهي وسيلة لتحقيق تلك الأهداف ،
فالأصل أن نبقى على الحكم الخاص إلا إن تحققت مصلحة ، كما فعل الصحابة .

والله تعالى أعلم