سلسلة المقالات الفقهية و الأصولية رقم (1)

بسمالله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محد وعلىآله وصحبه أجمعين
أما بعد
فإن مسألة التفرقة بين العامة المخصوص و العامالذي أريد به الخصوص من المسائل الأصولية التي يجب على طالب على الفقه و أصولهإدراكها
قال الإمام ابن دقيق العيد { مما يجب أن يتنبه له الفرق بين قولنا : هذا عام أريد به الخصوص وبين قولنا : هذا عام مخصوص }
ولقد كنت في بداية طلب علمالفقه و أصوله تمر علي عبارة عموم مخصوص وعموم أريد به الخصوص فأشكلت علي هذهالعبارة كثيرا فتشعبت بي الأفكار فيوما في العتيق ويوما بالخليصاء إلى ان قدر اللهوشاء فبحثت فيها وخرجت بنتيجة بحثية
كما قلت مسألة التفرقة بين العام المخصوص والعام الذي اريد به الخصوص من المسائل و الموضوعات الأصولية المهمة إلى الغاية ولميتعرض لها الأصوليون الأوائل بالتفصيل كما تعرض لها المتأخرون فبحثها الإمام السبكيفي الإبهاج [2/136] و الزركشي في بحر المحيط [3/250] و البرماوي في الحاوي [16/58] وابن النجار الفتوحي في شرح الكوب المنير [3/167] و الشوكاني في أرشاد الفحول ص255وصديق حسن خان في حصول المأمول ص237 و الأمين الشنقيطي في المذكرة الأصولية ص257وغيرهم .
ونفى بعض الأصوليين أن الكلام في الفرق بين العام الذي أريد به الخصوصو العام المخصوص مما أثاره المتأخرون .
قال الزركشي { فقد وقعت التفرقة بينهمافي كلام الشافعي وجماعة من أصحابنا في قوله تعالى { و أحل الله البيع } هل هو عاممخصوص أو عام أريد به الخصوص . حصول المأمول من علم الأصول لصديق حسن خان ص 238.
فرق – بكسر الراء – بينهما بأن العام المخصوص هو أن يراد معناه في التنازللكل فرد ولكن يخرج منه بعض أفراده ؛ فلم يرد عمومه في الكل حكما لقرينة التخصيص .
و العام المراد به الخصوص هو أن يطلق اللفظ العام ويراد به بعض مايتناوله فلميرد عمومه لا تناولا ولا حكما . بل كلي استعمل في جزئي 3 أنظر الإبهاج في شرحالمنهاج [2/236 وما بعدها ] و البحر المحيط [3/250] و تشنيف المسامع [2/721]
قالالإمام ابن دقيق العيد : مما يجب التنبه له الفرق بين قولنا : هذا عام أريد بهالخصوص وبين قولنا : هذا عام مخصوص . فإن الثاني أعم من الأول . ألآ ترى أن المتكلمإذا أراد باللفظ أولا مادل عليه ظاهره من العموم ثم أخرج بعد ذلك مادل عليه اللفظكان عاما مخصوصا ولم يكن عاما أرؤيد به الخصوص .
ويقال : إنه منسوخ بالنسبة إلىالبعض الذي أخرج ؛ وهذا يتوجه إذا قصد العموم وفرق بينه وبين ألا يقصد الخصوص ؛بخلاف ما إذا نطق باللفظ العام مريدا به بعض ما يتناوله في هذا } انظر الإبهاج فيشرح المنهاج [2/136] و البحر المحيط [3/250] و تشنيف المسامع [2/721].
والأصوليون العام الذي اريد به الخصوص عندهم مجاز من غير خلاف بينهم
قال العلاموصديق حسن خان { لا يخفاك أن العام الذي أريد به الخصوص هو : ماكان مصحوبا بالقرينةعند المتكلم به على إرادة المتكلم به بعض ما يتناوله بعمومه وهذا لا شك في كونهمجازا لا حقيقة } خصول المأمول من علم الأصول ص 238 و المذكرة الأصولية للشنقيطي ص 257 .
قال الإمام الشنقيطي {العام المخصوص فيه عندهم طرق :
-
الأولى : أنهيصير مجازا أيضا وعزاه غير واحد للأكثر واختاره ابن الحاجب و البيضاوي وغيرهماوعزاه القرافي لبعض أصحاب مالك و أصحاب ابي حنيفة و أصخاب الشافعي .
-
الثانية : أنه حقيقة في الباقي وذكر المؤلف أنه اختيار القاضي واختاره أيضا صاحب جمع الجوامعوعزاه لوالده و الفقهاء وهو اظهرها
-
الثالثة : إن خص بما لا يستقل بنفسهكالإستثناء و الشرط و الصفة و الغاية فهو حقيقة إن خص بمستقل من سمع أو عقل فهومجاز .
وعزاه للآمدي و الأبياري . انظر : المذكرة ص 258.
قال الشنقيطي : وأشار في المراقي إلى بعض الأقوال في هذه المسألة
وذو الخصوص منه ما يستعمل **** في كل الأفراد لدى من يعقل
وما به الخصوص قد يراد **** جعله في بعضهاالنقاد
و الثاني اعز للمجاز جزما **** وذاك للأصل وفرع ينمى
قال الإمامالشنقيطي { وهذا التقسيم للمتأخرين وهما شيئ واحد عند القدماء
قال في المراقي
واتحد القسمان عند القدما ****
هذا ما تيسر لي إعداده وكتابته فإن وجدتأيها القارئ العزيز به جهدا وفائدة فادع للكاتب بالستر و العفو و إن وجدت زلة قلمأو خطأ فافتح لها باب التجاوز و الممغفرة
فلا بدا من عيب فإن تجدنه ******* فسامح وكن بالستر أعظم مفضل


و الله أعلم
وصلى الله وسلم على نبينامحمد وعلى آله وصحبه أجمعين