التعليق..


هل فعل الصحابة هذا بأمر من الرسول-صلى الله عليه وسلم-؟ أم من الصحابة أنفسهم؟
إن كان بأمر من الرسول فهو شرع، وإن كان من عند الصحابة فهو يدل على أنه عادة في التبرك عندهم ويقبلها الرسول، ويبدو من الحديث أن الصحابة فعلوا ذلك من أنفسهم دون أمر الرسول، كما نفهم من الحديث أنهم معتادون على هذا الفعل، وأن الرسول راض عنهم، وهناك أحاديث كثيرة تؤيد هذا.

وهذا العمل لا يمكن أن يقبله الرسول الذي ينهى عن مجرد القيام له عند حضوره للمجلس، الرسول الذي يأمر بالنظافة ويدعو للطيبات وينهى عن الخبائث .

وكيف يقول الشيخ الحويني أنه لا يعلم ولا رواية أخرى ورد فيها تبرك الصحابة بالنبي؟! فأحاديث التبرك المصححة أكثر من أن تنكر..
ففي صحيح البخاري نجد الأحاديث التالية:


168 - حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا إسرائيل، عن عاصم، عن ابن سيرين قال: قلت لعبيدة: عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، أصبناه من قبل أنس، أو من قبل أهل أنس. فقال: لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها.


169 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا عباد، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه، كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره.

185 - حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا الحكم قال: سمعت أبا جحيفة يقول:خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأتي بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة.
وقال أبو موسى: دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه، ثم قال لهما: (اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما).


186 - حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني محمود بن الربيع قال: وهو الذي مج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وهو غلام من بئرهم. وقال عروة، عن المسور وغيره، يصدق كل واحد منهما صاحبه:
وإذا توضأ النبي صلى الله عليه وسلم كادوا يقتتلون على وضوئه.


187 - حدثنا عبد الرحمن بن يونس قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن الجعد قال: سمعت السائب بن يزيد يقول:
ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ، فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، مثل زر الحجلة.


191 - حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابرا يقول:
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب علي من وضوئه، فعقلت، فقلت: يا رسول الله لمن الميراث؟ إنما يرثني كلالة، فنزلت آية الفرائض.


5521 - حدثنا محمد بن عرعرة قال: حدثني عمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالاً أخذ وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، والناس يبتدرون الوضوء، فمن أصاب منه شيئاً تمسح به، ومن لم يصب منه شيئاً، أخذ من بلل يد صاحبه.

وفي صحيح مسلم نجد أنه أفرد باباً سماه : باب قرب النبي عليه السلام من الناس وتبركهم به ، وقد وردت فيه الأحاديث التالية:



( 2324 ) حدثنا مجاهد بن موسى وأبو بكر بن النضر بن أبي النضر وهارون بن عبدالله جميعا عن أبي النضر قال أبو بكر حدثنا أبو النضر ( يعني هاشم بن القاسم ) حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها فربما جاؤه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها



( 2325 ) حدثنا محمد بن رافع حدثنا أبو النضر حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس قال
لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل.




وأفرد باباً آخر وسماه : [باب طيب عرق النبي صلى الله عليه و سلم والتبرك به]


وورد فيه التالي:


( 2331 ) حدثني زهير بن حرب حدثنا هاشم ( يعني ابن القاسم ) عن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه و سلم فقال عندنا فعرق وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين ؟ قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب


( 2331 ) وحدثني محمد بن رافع حدثنا حجين بن المثنى حدثنا عبدالعزيز ( وهو ابن أبي سلمة ) عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه و سلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه قال فجاء ذات يوم فنام على فراشها فأتيت فقيل لها هذا النبي صلى الله عليه و سلم نام في بيتك على فراشك قال فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش ففتحت عتيدتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها ففزع النبي صلى الله عليه و سلم فقال ما تصنعين ؟ يا أم سليم فقالت يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا قال أصبت.

وفي غير الصحيحين نجد الأحاديث التالية:


الأول في التبرك بشرب دم النبي :
روى الدارقطني في سننه والحاكم في مستدركه عن عامر بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبد الله حدثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم فلما فرغ قال: "يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراه أحد فلما برزت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدت إلى الدم فحسوته فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما صنعت يا عبد الله؟" قال: جعلته في مكان ظننت أنه خافٍ على الناس ، قال:" فلعلك شربته؟" قال : نعم ، قال: " ومن أمرك أن تشرب الدم ، ويل لك من الناس وويل للناس منك". وفي رواية: " لا تمسك النار ومسح على رأسه ". والحديث رواه البزار في مسنده وأبو يعلى كما في المطالب العالية وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه.
الثاني: في التبرك بشرب بول النبي:
روى البيهيقي في سننه عن أميمة بنت رقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان ثم يوضع تحت سريره فبال فوضع تحت سريره فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء ، فقال لامرأة يقال لها بركة كانت تخدمه لأم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة : "أين البول الذي كان في القدح؟" ، قالت :شربته يا رسول الله ، وفي رواية عبد الرزاق عن ابن جريج مثله وفيه قال:" صحة يا أم يوسف". وكانت تكنى أم يوسف ، فما مرضت قط حتى كان مرضها الذي ماتت فيه ، وروى نحوه الحاكم والدارقطني والطبراني وأبو نعيم .

وروى الحسن بن سفيان في مسنده , والحاكم والدارقطني والطبراني وأبو نعيم من حديث أبي مالك النخعي , عن الأسود بن قيس , عن نبيح العنزي , عن أم أيمن , قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة في جانب البيت فبال فيها , فقمت من الليل وأنا عطشانة , فشربت ما فيها وأنا لا أشعر , فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يا أم أيمن قومي فأهريقي ما في تلك الفخارة) قلت : قد والله شربت ما فيها , قالت : فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه , ثم قال : (أما والله إنه لا تبجعن بطنك أبد).



وإن كان يرى شيخنا أبو إسحاق بطلان أحاديث التبرك التي خارج الصحيحين ، فهناك رأي آخر مشهور لمفتي جمهورية مصر العربية أ.د.علي جمعة يقر هذه الأحاديث ولا ينكرها، وقد أورد ذلك في كتابه "الدين والحياة.. الفتاوى العصرية اليومية" ، وله حوارات كثيرة منشورة بخصوص ذلك ، وأقتبس مقطعاً من حواره المنشور في موقع إسلام أونلاين، حيث قال:


((حينما يأتي الصحابة رضوان الله عليهم والعلماء من بعدهم ويتفقون على أن جسد النبي صلى الله عليه وسلم طاهر في الظاهر والباطن، وينص على ذلك ابن حجر العسقلاني، وابن حجر الهيثمي، والسيوطي والقاضي عياض، والدار قطني ويصحح أحاديثه، والبيهقي والزركشي وسائر علماء الأمة يتفقون ويقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم طاهر في ظاهره وباطنه، وابن حجر يقول: "تكاثرت الأدلة على هذا الأمر، فليس شيء منه صلى الله عليه وسلم مستقذر".

لذلك نرى أن مالك بن سنان رضي الله عنه لما مص دمه الشريف من الجرح الذي جرحه بموجب بشريته.. لأن هذا كله لا يخرجه عن كونه بشرا.. كل هذه الأشياء تجعله بشرا متميزا مؤهلا لتلقي الوحي، لكنه في النهاية بشر.. بل كان يمرض ويقول فإذا وعكت كان ذلك بقدر وعكة رجلين منكم.

فالنبي صلى الله عليه وسلم طاهر في دمه، طاهر في بوله، طاهر في عرقه، وطاهر في دمعه، وطاهر في كله، والصحابة لم يكونوا يستقذرون منه شيئا أبدا.. نحن نستقذر اللعاب والعرق الإنساني.. لكننا لا نستقذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا.

فهؤلاء الذين لا يفهمون معنى النبوة، ولا يفهمون معنى الوحي، ولا يفهمون معنى التهيئة الجسدية، ويريدون أن ننكر وأن ننكر وأن ننكر، من أجل ما يتوهمون أنه العقل، هذا ليس عقلا لأنه لا دليل عليه من العقل ولا من النقل.

فهذا الذي ذكرته في كتابي وراءه منهج.. هذا الذي ذكرته في كتابي وراءه عقيدة عليها المسلمون؛ أبى من أبى، ورضي من رضي. ))


ثم نقطة أخرى وهي: أن ولاء المسلمين للرسول معروف وليس محل شك عند القرشيين، ألم يتركوا ديارهم ويهاجروا معه؟ ألم يخوضوا معركة بدر وهم أقل عدداً معه؟ ألم يتحملوا التعذيب في مكة أمام أهل مكة لأجله؟؟ فلم لم يفعلوا مثل هذه التبركات عندما كانوا في مكة ليثبتوا ولاءهم بهذه الطريقة العجيبة؟

ثم هذا الكلام الذي نسب عن أبي بكر بالنص ، فكيف يقذع بالكلام ويرضى الرسول بذلك ويتبسم بينما الرسول نفسه لا يقبل الفحش ولا التفحش في الكلام حتى مع الكفار؟؟ وكذلك الشعراء لم يقذعوا في هجائهم للكفار.. وأبو بكر رجل حيي فكيف يقول هذه الألفاظ السوقية؟


ثم إن اللات صنم ذكر، فقد أقيم لرجل كان يلت السويق للحجاج، وأبو بكر كان أعلم الناس بأنساب العرب وأصنامهم، فكيف يعتبر أن صنم اللات أنثى؟




هذا ما أردت مشاركتكم به .. وأرجو أن تتسع صدوركم لهذه المشاركة ..


وجزاكم الله خيراً ..