عَنْ عطاء قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَزُورَنَا فقَالَ: أَقُولُ يَا أُمَّهْ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ: زُرْ غِباً تَزْدَدْ حُبًّا قَالَ: فَقَالَتْ: دَعُونَا مِنْ رَطَانَتِكُمْ هَذِهِ قَالَ ابْنُ عُمَيْرٍ: أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي قَالَ:(يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي) قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجره قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ:(أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا { ِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ{ (آل عمران: 190) (صحيح ابن حبان .حكم الألباني: حديث حسن)

فالهدف من التفكر في هذه الآيات هو لنكون من أولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم كما في تتمة الايات ولنكون من الموقينين كما كان النبي إبراهيم عليه السلام.

وللتفكر بأياته الكونية لا بد من ضوابط شرعية منها:

1-ان يكون هذا التفكر موافق لما أنزل الله
2- ان يتعرف بها على الله اما باسم من اسمائه او صفة من صفاته لأنها في الأصل أثار من اسمائه وصفاته.
3- ان يفرد الله بأفعاله فلا يجعل هذه اﻷيات مؤثرات بذواتها على غيرها.
4- ان يفرد الله بأفعالها فيعترف بسجودها وقنوتها أي طاعتها وخضوعها لله.

مثال ذلك إذا نظرنا نظرة في الكواكب علمنا ان الله هو الهادي الذي يهدي عباده في ظلمات البر والبحر كما في سورة اﻷنعام فنستدل بذلك على ضرورة هداية البشر لإخراجهم من الظلمات الجهل والظلم. واذا نظرنا نظرة في نظامها علمنا انها مستسلمة لله بقبول وظيفتها وطائعة له بأدائها فلذلك هي مسلمة فنستدل بذلك على ان الدين عند الله اﻹسلام كما في سورة آل عمران. وإذا نظرنا نظرة في مسارها عند طلوعها من المشرق ووقوعها في المغرب علمنا انها تسجد لله كما في سورة النحل والحج والرعد وغيرها وكما في حديث أبي ذر فنستدل بذلك على ألوهيته. وإذا نظرنا الى كثرة المشارق والمغارب ونظامها الواحد علمنا ان الله قادر على ان يبدلنا بخير منا كما في سورة المعارج. وإذا نظرنا نظرة في السماء ورأينا الطارق النجم الثاقب يأتي من جهة مخالفة لمسيرة الكواكب علمنا انه يقذف على كل من خالف امر الخالق وعلمنا حينئذ انها محفوظة من كل شيطان مارد فنستدل بذلك على ان كل نفس لما عليها حافظ كما في سورة الطارق...