حركة تحديد النسل في الولايات المتحدة هي حركة من حركات الإصلاح الاجتماعي، قامت في الولايات المتحدة عام 1914 م واستمرت حتى عام 1945 م. كان هدفها إتاحة وسائل منع الحمل لتحديد النسل من خلال التعريف بها، وإباحتها قانونيًا. وقد بدأت هذه الحركة عام 1914م عندما شعر مجموعة من دعاة التغيير السياسيين تحت قيادة كل من إيما جولد مان، و ماري دينيت، و مارجريت سينجر، بالقلق إزاء المصاعب التي تسببها عملية الولادة، أو عملية الإجهاض المتعمد بالنسبة لهؤلاء النساء من ذوي الدخل المتوسط. والجدير بالذكر أن مناقشة وسائل منع الحمل كانت تُعد في ذلك الوقت مسألة مخالفة للآداب العامة، ولذلك عمل هؤلاء النشطاء على مهاجمة قوانين "كومستوك"؛ التي تحظر بيع أي من هذه الوسائل "المخلة بالآداب، والداعرة، والمثيرة للشهوات"، عن طريق الصحف. وسعيًا لاستصدار قانون مؤات لهذه الحركة، قامت سانجر بخرق القانون من خلال توزيع "تمرد المرأة"، وهي رسالة إخبارية احتوت على مناقشة طويلة لوسائل منع الحمل. وفي عام 1916، افتتحت أول عيادة لتحديد النسل في الولايات المتحدة، والتي سرعان ما قامت الشرطة بإغلاقها، ولاقت سانجر حكمًا بالحبس لمدة 30 يومًا. وجاءت الحرب العالمية الأولى كنقطة تحول، حيث أسفر تشخيص عددًا من الجنود الأمريكيين بالكشف عن إصابتهم بأمراض تناسلية. وجاء رد الحكومة على هذا الأمر أن شنت حملة لمكافحة الأمراض التناسلية، التي صورت الجماع ووسائل منع الحمل بأنها أمور ترتبط بالصحة العامة، كما أجازت الحكومة موضوعات البحث العلمي المتعلقة بهذا الشأن. وكانت هذه المرة الأولى التي تقوم فيها الحكومة الأمريكية بالانخراط في مناقشات عامة، ومستمرة حول أمور جنسية. وبناء على ذلك، تحولت وسائل منع الحمل من مسألة تمس الأخلاق إلى مسألة محورها الصحة العامة. وشيئًا فشيئًا تغيرت نظرة العامة تجاه مسألة تحديد النسل، وهو ما دفع بسانجر إلى إنشاء عيادة ثانية لتحديد النسل عام 1923، لكن هذه المرة كانت بلا اعتقالات أو مضايقات. وخلال عشرينيات القرن التاسع عشر، أصبحت مناقشة وسائل منع الحمل أكثر شيوعًا، وأصبح مفهوم "تحديد النسل" دارجًا في اللغة. كما أن إتاحة وسائل منع الحمل على نطاق واسع يُعد بمثابة التحول من مجتمع يتعامل مع الأعراف الجنسية بصرامة مُذ العصر الفكتوري، إلى مجتمع أكثر تساهلًا في التعامل مع تلك الأعراف. وخلال ثلاثينيات القرن التاسع عشر، عملت الانتصارات القانونية المتتالية على إضعاف القوانين المناهضة لوسائل منع الحمل. كما دفعت هذه الانتصارات الجمعية الطبية الأمريكية عام 1937 للنظر إلى وسائل منع الحمل بكونها جزء لا يتجزأ من المناهج الدراسية الطبية، غير أن المجتمع الطبي لم يستجب لتلك المسئولية الجديدة بسرعة، وهو ما دفع النساء إلى اللجوء لوسائل غير آمنة، وغير فعالة لمنع الحمل، بالإضافة إلى الاعتماد على أُناس لا يملكون الخبرة الكافية في هذا المجال. وفي عام 1942، تم تشكيل اتحاد تنظيم الأسرة الأمريكي، الذي أدى بدوره إلى إنشاء شبكة وطنية من عيادات تنظيم النسل. وبعد الحرب العالمية الثانية، جاء نتاج حملة تحديد النسل، بأن اعترفت الأوساط الطبية بتحديد النسل بشكل نهائي، وأصبحت قوانين مكافحة وسائل منع الحمل غير قسرية