ان شائنك هو الابتر  Bsm-allah3
قال سبحانةوتعالى؛(أن شائنك هو الابتر)

جماعةَ المسلمين، أتباعَ النبي ، قالَ ربنا سبحانه في محكمِ التنزيلِ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:9]، قال المفسر السعدي رحمه الله: "أي: ليعليَهُ على سائرِ الأديانِ بالحجةِ والبرهانِ والسيفِ والسنانِ، وإن كرهَ المشركون ذلك، وبغوا له الغوائل، ومكروا مكرهم، فإن المكرَ السيئ لا يضرُ إلا صاحبهَ، فوعدُ اللهِ لا بدَ أن ينجزه، وما ضمنهُ لا بد أن يقوم به".إن الله قد أكرمَ هذهِ الأمة ببعثة محمد بن عبد الله سيد ولد آدم لها بعد أن كانت تعيش في الضلال المبين وتتخبط في ظلمات الجهل، قال سبحانه: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ [الجمعة:2]، نبيٌّ تقيّ، ورسول نقيٌّ، زكَّى الباري لسانه فقال: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى [النجم:3]، وزكَّى بصره فقال: مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:17]، وزكَّى صدره فقال: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:1]، وزكَّى فؤادَه فقال: مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11]، وزكَّى جليسَه فقال: عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى [النجم:5]، وزكّاه كلَّه فجاءت الشهادة الكبرى له صلوات الله وسلامه عليه إذ يقول البَرّ الودود: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].بشرت بنوبته جميع الأنبياء والرسل، فقال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:81]، ومنهم نبيّ الله ورسوله عيسى ابن مريم لما قال لقومه: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ [الصف:6].أرسله الله رحمة للعالمين، فقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ؛ ليخرجهم من الشرك والضلال إلى سماحة ونور التوحيد والعبودية لله، فقال سبحانه: هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [الحديد:9].أمّةَ الإسلام، أحباب سيّدِ الأنام، ومع كلِّ هذا الجلاء في سيرةِ خير الورَى ومع هذا البهاء لا يزالُ أحلاسُ النّفاق وشُذّاذ الآفاق ومَردَة الكُفرِ والاستشراق ينشرون أباطيلَهم وحقدَهم الأرعن عبرَ الحمَلات والشبكات للنيل من الجناب المحمدّيّ الأطهر، يَرمون من أرسلَه الله رحمةً للعالمين بالقَسوة والجفاء والإرهابِ والغِلظة والشناءَة، في رسومٍ ساخِرة ودِعايات سافِرة وحملات ماكِرة؛ ليشوّهوا صورته مع علمهم بحقيقة هذا الرسول صلوات الله وسلامه عليه، قال تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ .ومن ذلك ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة من قيام صحيفة دنمركية بسبّ نبينا في بضع عشرة صورة، يستهزئون من خلالها بنبينا صلوات الله وسلامه عليه، دونما مراعاة لحرية دينيّة زائفة ينادي بها الغرب الكافر ولا ديمقراطية كاذبة تزعم حفظا لحقوق الأفراد.إن هذا الفعلَ منهم هو بدايةٌ لسقوطهم كما أخبر بذلك رب العالمين، فقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا [الأحزاب:57]، وقال سبحانه: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3]، قال ابن كثير في تفسيره: "أي: إن مبغضك ـ يا محمد ـ ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره".وتوعد الله من حارب أنبياءه بالحرب، قال رسول الله : ((قال الله تعالى: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب)). فهذا وعيد من الله عز وجل بالحرب لمن عادى وليّا، فكيف بمن عادى رسولا هو سيد المرسلين وخير البشر أجمعين سيدنا محمد ؟! لهو حريّ أن يقصم ظهره وينتهي أمره إلى وبال وخسارة.
روى البخاري في صحيحه عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: كان رجل نصرانيا، فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي ، فعاد نصرانيّا، فكان يقول: لا يدري محمد إلا ما كتبتُ له، فأماته الله، فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض ـ أي: طرحته ورمته ـ، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه؛ نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له وأعمقوا في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه.
قال ابن تيمية في الصارم المسلول على شاتم الرسول معلقا على الحديث: "فهذا الملعون الذي افترى على الرسول أنه ما كان يدري إلا ما كتب له قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مرارا، وهذا أمر خارج عن العادة.. وإن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد؛ إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا، وإن الله منتقم لرسوله ممّن طعن عليه وسبّه ومظهر لدينه ولكذب الكاذب إذا لم يُمكن الناسَ أن يقيموا عليه الحد".
فاللهم يا الله يا قوي يا عزيز يا منتقم، إنا نبرأ إليك مما فعلته تلك الحثالة بنبيّنا محمد ، فاشهد اللهم أنا نحبّ رسولك، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، وازرع الرعب في قلوبهم، والعنهم في الدنيا قبل الآخرة، اللهم شتّت شملهم، وأغرقهم بالطوفان كما أغرقت قومَ نوح من قبل، اللّهم اجعل أجسادهم كأعجاز نخل خاوية، اللهم أهلك مزارعهم وتجاراتهم وانشر الفقر بينهم، إنك على كل شيء قدير يا الله.

أيها المسلمون، إن الله منتقم من أعدائه وأعداء رسوله في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21].
فمن ذلك: لما بعث النبي بكتاب إلى قيصر وكسرى يدعوهم إلى الإسلام، وكانت دولة كسرى وقيصر من أعظم الممالك آنذاك، فلما وصل عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام ومعه الكتاب قال عبد الله: فدفعتُ إليه كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم أخذه فمزَّقه، فلما بلغ ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ((اللّهم مَزِّق مُلكه)). قال أهل العلم: "وقد كتب النبيّ إلى كسرى وقيصر، وكلاهما لم يُسْلم، لكن قيصر أكرمَ كتابَ النبي وأكرم رسولَه، فثبَت ملكُه، فيقال: إن المُلك باقٍٍ في ذريته إلى اليوم، وكسرى مزَّق كتاب رسول الله واستهزأ برسول الله ، فقتله الله بعد قليل ومزَّق ملكه كلَّ ممزق ولم يبق للأكاسرة ملك، وهذا ـ والله أعلم ـ تحقيق لقوله تعالى: إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر ، فكلُّ مَن شنَأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره".ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية رحمه الله قال: لما حصَر المسلمون بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهرَ أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس، إذ تعرَّض أهله لسبّ رسول الله عليه الصلاة والسلام والوقيعة في عرضه، فعجلنا فتحه وتيسّر، ولم يكد يتأخّر إلا يومًا أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنّا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوه فيه. كما حدّثني بعض الأصحاب الثقات أنّ المسلمين من أهل الغرب حالهم مع النصارى كذلك.
ألا فلنعتز بهذا الرسول الذي نلهج باسمه أكثر من أسماء آبائِنا، بل جعل الله ذكر اسمه مع الصلاة عليه عبادة يتقرّب إليه بها، فلنتعلم سنته وسيرته، وننظر في حياته وحياة أصحابه، فنجعلها طريقا لنا، فتحلّوا بشمائل نبيِّكم وأخلاقِه، وتزيَّنوا بمناقبِه وآدابِه، وتمثَّلوا هديَه، وترسَّموا سنّتَه، وعَضّوا عليها بالنواجذ، تغنَموا وتنعَموا وتسودوا وتقودوا، وما أصابنا الذل إلا لما تركنا سنة نبينا وهديه، قال : ((وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري))، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمتى ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله).
وها هي ذكرى هجرتِه العظيمة هو وصحبه تمرّ علينا بذكرياتها الغالية ودروسها المستفادة، فلنستفد منها، ولنتعلم منها، قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، وقال سبحانه: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة:128. أخى المسلم:أعلنها
جزاك الله خيرا