بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد
أيها الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فيا أيها القارئ الكريم هذه أسطر بين يديك نبين فيها ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في هذه السنة العظيمة من سننه عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب ، فإذا عطس أحدكم وحمد الله ، كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك الله ، وأما التثاؤب : فإنما هو من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان"، رواه البخاري.
يقول الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى تعليقاً على هذا الحديث: والعطاس يدل على الخفة والنشاط فلهذا كان محبوباً إلى الله وكان مشروعاً للإنسان إذا عطس أن يقول (الحمد لله) لأنها نعمة أعطيها فليحمد الله عليها.
فوائد من هذا الحديث
أولاً: يشرع للإنسان إذا عطس أن يحمد الله عز وجل وذلك بقوله (الحمد لله) وهذه صيغة من صيغ الحمدلة التي جاء بها الحديث، وهناك صيغ أخرى يستحب قولها لمن عطس وهي ما جاء عند أبي داود عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال ...." صححه الألباني رحمه الله.
وكذلك يشرع له ما جاء عند البخاري في الأدب المفرد موقوفاً على ابن مسعود قال:"إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين، وليقل من يرد: يرحمك الله، وليقل هو:يغفر الله لي ولكم"، صححه الألباني رحمه الله.
وكذلك يشرع له قول ما جاء عند الترمذي عن رفاعة بن رافع قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت: "الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى" فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال: "من المتكلم في الصلاة؟" ثلاث مرات، فقال رفاعة: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث: "والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا، أيهم يصعد بها".
حسنه الألباني
ثانياً: تشميت العاطس فمن عطس وحمد الله وجب على من سمعه أن يشمته، والقول بالوجوب هو أحد قولي أهل العلم وإلا فمن العلماء من يقول إن تشميت العاطس فرض كفاية، وقال الشيخ العثيمين رحمه الله ما نصه: لكن الاحتياط أن يشمته كل من سمعه كما جاء في الحديث.
فإذا قال قائل: كيف نشمته؟
فالجواب: نشمته بما جاء في الحديث السابق من قوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام:"كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك الله".
ثالثاً: إذا قيل له يرحمك الله يشرع له أن يقول: (يهديكم الله ويصلح بالكم) لما ورد عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا عطس أحدكم فليقل:الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه:برحمك الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم".
ملاحظة: كثير من الناس العامة عندما يعطس فيشمَّت يقول: يهدينا ويهديكم الله. وهذه الصيغة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه الكرام فيما يعلم، والأذكار توقيفية لابد من ذكرها كما جائت.
وكذلك يشرع له بعد أن يشمت أن يقول: (عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله) وهذه جائت عن ابن عباس في الأدب المفرد عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس يقول إذا شُمِّتَ "عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله" صححه الألباني رحمه الله.
وكذلك يشرع له أن يقول: (يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا ولكم) وهذه الصيغة جائت عن ابن عمر رضي الله عنهما في الأدب المفرد "أنه كان إذا عطس فقيل له: يرحمك الله، قال: يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا ولكم" وصحح إسنادها الألباني رحمه الله.
وكذلك يشرع له أن يقول: (يغفر الله لي ولكم) لما جاء في الأدب المفرد عن ابن مسعود قال:"إذا عطس احدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين، وليقل من يرد: يرحمك الله، وليقل هو:يغفر الله لي ولكم".
مسألة: إذا عطس رجل فلم يحمد الله فهل تشمته؟
الجواب: لا تشمته بدليل نص الحديث:" إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه" رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري.
مسالة: إذا عطس رجل بجانبك ولم يحمد الله فهل يشرع لك ان تقول له احمد الله حتى نشمتك أو لا يشرع ذلك؟
الجواب: خلاف بين أهل العلم، قال الشيخ العثيمين: الحديث هذا يدل على أنك لا تذكره لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل إذا عطس ولم يحمد الله فذكروه. فنحن لا نقول احمد الله، ولكن فيما بعد نعلمه أنه يسن للإنسان إذا عطس أن يحمد الله عز وجل ويكون هذا من باب التعليم. اهـ
ومن العلماء من قال بل نذكره لأن ليس في الحديث النهي عن تذكيره بل تذكيره من باب التعاون على البر والتقوى. ولعل الثاني أقرب والله أعلم.
مسألة: إذا عطس عندك كتابي فحمد الله فماذا تقول له؟
الجواب: يجاب عن هذا بما ورد في حديث أبي موسى رضي الله عنه: كانت اليهود تعاطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لها: يرحمك الله، فكان يقول:"يهديكم الله ويصلح بالكم". قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعليقاً على هذا الحديث: لأن الكافر لا يجوز أن يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة لكن يدعى له بالهداية.
ومن آداب العطاس يقول الشيخ العثيمين رحمه الله ما نصه: أنه ينبغي للإنسان إذا عطس أن يضع ثوبه أو غترته على وجهه، قال أهل العلم وفي ذلك حكمتان:
الأولى: أنه قد يخرج مع هذا العطاس أمراض تنتشر على من حوله.
الثانية: أنه قد يخرج من أنفه شيء مستقذر تتقزز النفوس منه.


هذا والله أعلم وأسأل الله لي ولكم رضاه ومغفرته وجنته