لماذا نكتب التاريخ؟





لأن هذا الكون وكل ما فيه يسير على سنن ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ، واننا فى حاجة لادراك هذه القوانين كى نتمكن من استعمال نعم الله الكثيرة التى خلقها الله عز وجل ، وسخرها لنا فى هذا الكون ، بل لكى نستطيع ان نحيا الحياة الصحيحة باستيعابنا للتجارب السابقة التى جرت عليها سنن الله فى كونه ، ذلك ان هذه السنن لا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول ، قال عز وجل " فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا "




انها قاعدة قررها الله سبحانه وتعالى فى كتابه ، وجعلها -ايضا - من سننه الثوابت ، التى يمكن للجميع ادراكها واستغلالها ، ومن ابسط الامثلة العملية على هذا ، اننا نجد ان الماء يغلى عند 100 درجة مئوية ، وسيظل يغلى عند هخذه الدجة الى يوم القيامة ، فمن رحمته سبحانه وتعالى ان ثبت لنا هذا الامر ، اذ لو كان الماء يغلى اليوم عند درجة ثلاثين -مثلا- وغداً عند درجة خمسين وبعد غد عند سبعين فلن تستقيم حياة الناس ، لون تستقر امورهم ، لأن كل يوم مغاير للآخر ، وكل شكل فيه تبدل وتحول ولم يعهد من قبل .





كذلك النا تحرق وستظل تحرق الى يوم القيامة ..




صحيح ان ثمة استثناءات لا يبنى عليها ، فتلك النار التى من اهم خصائصها الاحراق لم تحرق ابراهيم عليه السلم ، فهذا استثناء او هى معجزه ، والمؤمن الكيس لا ينتظر المعجزات ولا يبنى على استثناءات ، ولا يتخذها قواعد ، انما يبنى على القوانين االتى يمكنه ان يدرك بنفسه انها ثابته ، ان احداً لا يمكنه ان يضع يده مثلا فى النار ! ، ثم يقول : قد يحدث لى مثلما حدث لابراهيم عليه السلام . فذلك غير جائز ، ولا يصح ان يتفوه به احد ، لانه لا يتوافق مع سنن الله التى اقرها فى كونه ، وقس على ذلك ما شئت ؛ فالانسان والحيوان بصفة عامة لا يستطيع ان يعيش بدون طعام او شراب ، ولو امتنع اى نسان عن الطعام والشراب ترة فمآله - لامحاله - الى الموت




كذلك وبالمثل فان لله سبحانه تعالى سنناً ثابته فى تغيير الامم وتبديل احوالها ؛ سواء كان هذا التبديل من الضعف الى القوة ، او كان من القوة الى الضعف ، فبحسب الطريق الذى تسلكه كل امة تكون خاتمتها ، ونحن حين نقرأ فى التاريخ ونقلب فى صفحاته نشاهد سنن الله سبحانه وتعالى فى التغيير والتبديل ، فالتاريخ يكرر نفسه بصورة عجيبة ، حتى والله ! لكأنك تقرأ احداثاً حدثت منذ الف عام او يزيد - تشعر وكأنها الاحداث نفسها التى تتم فى هذا الزمن ، مع اختلاف فى الاسماء والتفاصيل فحسب .



فأنت حين تقرأ تاريخ الماضى فكأنك تقرأ احداث المستقبل بتفصيلاتها ؛ ذلك ان احداث المستقبل هذه لن تتم الا على هذ السنن الثابتة ، التى جعلها الله فى تبديل الامم وتغيير احوالها ، فانظر فىاى طريق تسير الان لتعرف الى اىمصير ستصل ، والمؤمن العاقل هو الذى لا يبدأ من الصفر فيكرر كل ما فعل السابقون ، وانما يقف امام تاريخهم فيسير على درب من اصاب فافلح ، ويبتعد عن طريق المخطئين الخاسرين.



وفى تاريخ الاندلس خير دليل على هذا ؛ لذلك فنحن نحاول تحليل هذا التاريخ ؛ نحاول ان نقلب صفحات ونظهر احداثاً قد علاها التراب اعواماً واعواماً ، نحاول ان نظهر ما حاول الكثيرون ان يطمسوه ، او يخرجوه لنا فى صورة باطل وهو حق ، او فى صورة حق وهو باطل ؛ فكثير يحاولون ان يزورو تاريخنا الاسلامى ، وهى جريمة خطيرة جد خطيرة ، يجب ان يتصدى لها



.........