بسم الله الرحمن الرحيم

صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ عبد الله بن حمود الفريج

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي في منهج السالكين: "وأمَّا صفةُ غسل النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الجنابة، فكان يغسلُ فرجه أوَّلاً، ثُمَّ يتوضَّأُ وُضُوءًا كاملاً، ثُمَّ يحثي الماءَ على رأسه ثلاثًا، يرويه بذلك، ثم يفيض الماءَ على سائر جسده، ثُمَّ يغسلُ رجليه بمحلٍّ آخر، والفرضُ من هذا: غَسلُ جميع البدن، وما تحت الشُّعُور الخفيفة والكثيفة، والله أعلم".

الشرح:
صفة غُسل النبي صلى الله عليه وسلم:
صفة الغسل: كما أن للوضوء والصلاة وغيرها: (صفةً مجزئة، وصفة كاملة)، كذلك الغسل له صفتان:
أولاً: صفة كمال: وهي ما اشتملَت على الواجبات والسُّنن.
ثانيًا: صفة إجزاء: وهي ما اشتملَت على الواجبات فقط.

أولاً: صفة الغسل الكامل:
1- أن ينوي: لحديث عمر رضي الله عنه: ((إنما الأعمالُ بالنيَّات))[1]، فالنيَّة شرطٌ لصحة العبادة، ومحلُّها القلب، والنطق بها بِدعة كما سبق.

2- ثم يسمي: وحكم التسمية هنا كحكمِها في الوضوء، وسبق أن الصحيح أنها سُنَّة.

3- ثم يغسل كفَّيه: لحديث عائشة رضي الله عنها: "كان صلى الله عليه وسلم إذا اغتسلَ من الجنابة، يبدأُ فيغسلُ يديه"[2] فيبدأ بالكفين؛ لأنهما أداة غَرف الماء، فلا بد من طهارتهما.

4- ثم يغسل فرجَه قبل البدن: لحديث ميمونةَ رضي الله عنها قالت: "وَضع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا لجنابةٍ، فأكفأَ بيمينه على شماله مرَّتين أو ثلاثًا، ثُمَّ غسل فرجَه"[3].

وأيضًا يغسل ما لوَّثه على بعض أجزاء بدنه، سواء كان نجسًا كالمذي، أو طاهرًا كالمني، ويدلك يديه بعدما يغسل فرجَه.

5- ثم يتوضأ وضوءَه للصلاة:
لحديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: "ثُمَّ توضأ وُضُوءَه للصَّلاة"[4]، وإذا كان المكان الذي يغتسل فيه ليس نظيفًا؛ كأن يكون فيه ترابٌ ونحوه، فالأفضل أن يؤخِّر غَسلَ القدمين في الوضوء إلى ما بعد الغُسل مباشرة؛ لحديث ميمونة رضي الله عنها في صِفة غُسل النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "ثُمَّ تنحَّى، فغَسَل رجليه"[5]، وأمَّا إذا كان المكان نظيفًا فإنه يُتمُّ وضوءه كاملاً.

6- ثم يفيض الماءَ على رأسه ثلاثًا مع تخليل الشعر:
لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "ثُمَّ يتوضَّأُ وُضُوءه للصَّلاة، ثُمَّ يأخُذُ الماء، ويُدخلُ أصابعه في أُصُول الشَّعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأَ، حفن على رأسه ثلاث حثياتٍ"[6].

7- ثم يفيض الماءَ ويعمِّم به سائرَ جسده ويدلكه:
لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "ثُمَّ أفاض على سائر جسده"[7]، وحديث ميمونة رضي الله عنها، قالت: "ثُمَّ غسل سائرَ جسده"[8].

قال الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله: "وشُرع الدلك؛ ليتيقن وصولَ الماء إلى جميع البدن"[9].

من السُّنَّة أن يبدأ عند غسل جسده بالجانبِ الأيمن ثمَّ الأيسر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: "كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعجبُه التَّيمُّنُ في تنعُّله وترجُّله وطُهوره وفي شأنه كُلِّه"[10].

وإن عَلِم عدم وصول الماء إلى أيِّ جزءٍ من أجزاء بدنه، وجب عليه إيصالُ الماء إليه.

مستلة من بداية المتفقهين في شرح منهج السالكين (كتاب الطهارة)

[1] رواه البخاري برقم (1)، رواه مسلم برقم (1907).
[2] رواه البخاري برقم (248)، رواه مسلم برقم (316).
[3] رواه البخاري برقم (371)، رواه مسلم برقم (316).
[4] رواه البخاري برقم (248)، رواه مسلم برقم (316).
[5] رواه البخاري برقم (259)، رواه مسلم برقم (317).
[6] رواه البخاري برقم (248)، رواه مسلم برقم (316).
[7] رواه البخاري برقم (248)، رواه مسلم برقم (316).
[8] رواه البخاري برقم (259)، رواه مسلم برقم (317).
[9] انظر: الممتع (1 /361).
[10] رواه البخاري برقم (168)، رواه مسلم برقم (268).