شرح علم مصطلح الحديث الحلقة [2] الخبر والأثر - وتعريف الحديث الصحيح - وفوائد متفرقة .

[size=32]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين .

وبعد .....

تكلمنا في الحلقة الماضية عن علم مصطلح الحديث وقلنا أنه لا غنى لأي علمٍ آخر عنه فهو أصلٌ أصيل تنبني عليه العلوم الشرعية ، وذكرنا أن علم المصطلح عبارة عن قواعد أو قوانين يعرف بها حال الراوي والمروي ، فالراوي : هو راوي الحديث سواء كان تابعي أو تابع تابعي أو صحابي ، إلا أن الصحابة رضوان الله عليهم جميعا لا يحتاجون إلى تعديل ، فهو المعدلون من فوق سبع سموات بنص الكتاب والسنة الصحيحة ، لكن حينما نطبق قواعد المصطلح على الصحابة تكون من باب معرفة هل هذا الراوي يعد صحاباً كبيرا أم من صغار الصحابة أم هو من المخضرمين : أي الذي شهدوا الجاهلية والإسلام ولم يلتقوا النبي ، كما سياتي ذلك في سياق هذا الشرح إن شاء الله ، وكذلك هو علم يُعرف به أحوال المروي : أي متن الحديث سواء كان من كلام النبي ، أم من كلام ما دونه ، والمعني بذلك ما يتعلق بالمتن اصطلاحاً مثل الشذوذ والنكارة والاقلاب وغير ذلك مما يتعلق بمتن الحديث من صفات وأحوال ، ثم عرفنا السند وقلنا : هو سلسلة الرجال الموصلة لمتن الحديث : أي الكلام الذي ياتي بعد ذكر رجال السند ، والمتن هو : كلام النبي ، أو ما دونه .
وقد يسئل سأل ويقول : فما هي غاية علم مصطلح الحديث وما هي ثمرته ؟
الجواب : معرفة الصحيح من الأخبار وغيره .

والأن نبدأ في الحلقة [2] من هذا الشرح .

::::::تعريف الحديث والخبر والأثر::::::

كثيرا ما نجد هذه المصطلحات في كتب العلماء وخصوصاً ؛ علماء الحديث ، فما هو تعريف هذه المصطلحات عن أهل هذا الفن ، ولابد الأشارة إلى تعريف كلمة المصطلح بشكل عام ، فكل علماء في فن من الفنون الشرعية يتفقون فيما بينهم على مصطلحات تكون اختصارا لبعض القواعد في هذا الفن وقد يكون هذا الاصطلاح مرادفاً للمعنى اللغوي أو لا يكون .

::::: تعريف الحديث :::::

الحديث عن أهل الاصطلاح : هو ما جاء عن النبي ، قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفة .
والمراد بالقول : أي كلمة أو كلمات قالها النبي ونقلت إلينا عن طريق الرواة .
ومثال ذلك حديث : إنما الأعمال بالنيات ....

والمراد بالفعل : أن يفعل النبي فعلاً فينقل إلينا هذا الفعل عن طريق رواة الحديث .
ومثال ذلك : حديث عائشة رضي الله عنها : كان النبي إذا أراد أن ينام وهو جُنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة .

والمراد بالتقريري : أي يحدث فعلاً أو قولا من صحابي أو شخص ما ، فيقر النبي هذا الفعل ويصير بذلك هذا الفعل مشروعا في الإسلام .
ومثال ذلك :
حديث ابن عباس رضي الله عنه : أن خالته أهدت إلى رسول الله صلى اله عليه وسلم سمناً ، وأضبا، وأقطاً ، فأكل من السمن ومن الأقط ، وترك الأضب تقذراً ، وأكل على مائدته ، ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله .

وكذلك قوله في حديث الجارية : " أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنةٌ " . رواه مسلم , فأقرها الرسول على ذلك .

والأمثلة في ذلك كثيرة .
ولو يتفرغ بعض الاعضاء لجمع الأحاديث التقريرية ويتحفنا بها ونهذبها ونشرحها ليكون هذا مفيداً جداً للجميع فمن يجمع لنا يا طلاب العلم هذا الجمع ؟
أنتظر منكم من يجمع .

والمراد بالوصفي : أي المجيء بصفة من صفات النبي يبلغ بها أحد الصحابة التابعيين وتصل إلينا عن طريق الراوة .
ومثال ذلك : حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - : كان رسول الله ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير ، وحسن الجسم ، وكان شعره ليس بجعد ، ولا سبط ، أسمر اللون ، إذا مشى يتكفأ .



::::::الحديث الصحيح::::::
الحديث الصحيح درجات وأعلها الحديث الصحيح لذاته أي الذي جائت صحته من نفسه لا من غيره مثل المتابعات والشواهد ، والحديث الصحيح درجات كما ذكرنا فمن ضمن الحديث الصحيح الحديث الحسن وكذلك الحسن لغيره .

::::: تعريف الحديث الصحيح :::::
هو المسند المتصل إسناده ، بنقل العدل الضابط ، عن العدل الضابط ، إلى منتهاه ، من غير شذوذ ولا علة .

::::شرح التعريف::::
يمكن أن نلخص هذا التعريف على شكل عناصر كالتالي :
الحديث الصحيح هو الذي يحوي تلك الشروط :
1- أن يكون مسنداً .
2- أن يكون متصل السند .
3- أن يكون رواته من العدول الضابطين .
4- أن لا يكون شاذاً .
5- أن لا يكون معللاً .

:::: شرح كل عنصر من هذه الشروط::::
[أن يكون مسنداً ]

المسند هو المنسوب إلى النبي بسند ، وقد تقدم معنا تعريف السند .

[أن يكون متصل السند]

أي أن كل راو من رواة السند قد سمع هذا الحديث من شيخه الذي فوقه .
كأن يقول بعبارة واضحة حدثني فلان حدثني فلان .

[أن يكون رواته من العدول الضابطين ]
أي أن يكون كل راو من رواة السند عدلاً ضابطاً .

[سؤال] فما المقصود بالعدالة والضبط ؟؟

[ الجواب ]
العدالة : هي الملكة التي تحمل المرء على ملازمة التقوى والمروءة ، واجتناب الأعمال السيئة : من شرك ، أو فسق ، أو بدعة .
والضبط : هو أن يحفظ الراوي الحديث من شيخه ، ويعيه بحيث إذا حدَّث به عنه حدَّث به على الوجه الذي سمعه عليه فلا يخل بالمعنى ولا بالعبارة .

::::أقسام الضبط::::
ينقسم الضبط إلى قسمين :
[ضبط صدر]
وهو أن يثبت ما سمعه - أي يحفظه بقلبه ويضعه في ذاكرته - فإذا أراد استحضاره استحضره على الوجه الذي سمعه عليه من شيخه .
[ضبط كتاب]
وهو أن يقوم بصيانة كتابه ودفاتره التي سجل فيها الأحاديث التي سمعها ، فيقوم بمراجعة هذه الأحاديث على يد شيخه وأقرانه ، ومقابلتها بأصل معتمد ، وكذلك يحفظه من أن يدس أحد شيئاً عليه من كتاب غيره ، وهؤلاء يطلق عليهم وراقي السوء .

[أن لا يكون شاذاً]
الشاذ في اللغة : المتفرد ، وفي الإصطلاح - أي اصطلاح المحدثين - ما يخالف فيه الراوى من هو أوثق أو أرجح منه .
أي أن يأتي راوي بمتن مغاير لمتن راوي من رواة الحديث الذي جاء به بعينه ، فتجده أتى بصيغة مخالفة للحديث وعرف هذا من خلال مقارنة حديثه بحديث من هو أرجح منه في الحفظ .

نقف هنا ونكمل في الغد [ آخر شروط الحديث الصحيح ] وهو [ أن لا يكون معللاً ] نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى ، وصلى اللهم على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .[/size]