اطرح هذه المسألة ، لهدف أخر غير هدف الوصول على الرأى الراجح في المسألة
ولكني اطرحها لشيئ اخر ، وهو أنى حين كنت أقرأ في كتاب ( كشف الاستار لابطال ادعاء فناء النار ) للدكتور علي الحربي ، وجدت أنه كي يثبت أن كتابي ابن القيم ( شفاء العليل ) و (حادي الأرواح ) الموجود فيهما ميل ابن القيم الى القول بفناء النار ، متقدمان على كتابيه ( الوابل الصيب ) و ( طريق الهجرتين ) الموجود فيهما قوله بعدم فناء النار ، قد استدل بسبعة أوجه غريبة أظن أنها من أوهى الحجج التى قرأتها في حياتي ، وهى على النحو التالي :

أولا : انه قال أن مناقشة ابن القيم كانت حادة وقوية فى كتابه ( حادى الارواح ) وهذه القوة تستلزم نشاط الشباب .
قلت ( باختصار شديد جدا جدا ) : وقد تستلزم علم الكبار ( بعد التمكن من العلوم ) .
ثانيا : أن أوجه الاستدلال عند ابن القيم في كتابه ( شفاء العليل ) أقل من كتاب ( حادى الأرواح ) مما يدل على ضعف تقويته لقول القائلين بفناء النار .
قلت : أنه قد افترض فرضا غريبا أن ابن القيم قد ألف ( شفاء العليل ) بعد ( حادى الارواح ) وجعل هذا الفرض من المسلمات التى بنى عليها فيما بعد أن ابن القيم قد قلل من وجوه الاستدلال فى كتابه ( شفاء العليل ) لأنه قد بان له ضعف المذهب القائل بفناء النار .
وأنا أقول أنه من المحتمل جدا أن يكون تأليفه ل ( شفاء العليل ) قد تم قبل تأليفه ل ( حادى الأرواح ) ، وبعد طول المدارسة للعلم ظهر لابن القيم أوجه أخرى زيادة على ما ذكره فى ( شفاء العليل ) ففندها ورد عليها فى كتابه ( حادى الأرواح ) .
أما بالنسبة للوجهين الثالث والرابع ، فأنا لا أرى فيهما دلالة واضحة .
خامسا : يقول الدكتور الفاضل بأن ابن القيم كان من المفترض أن يقول بأنه كان يذهب الى القول بأبدية النار في أواخر كتبه ، ولما لم يقل ذلك فيكون قوله بأبدية النار هو المتأخر .
قلت : أظن أن العكس هو الأرجح ، اذ كيف يعيش الانسان طيلة حياته متبيناً مذهباً معيناً ، ويدافع عن هذا المذهب بكل ما أوتى من قوة ، ويذكر الشبهات ويرد عليها رداً مفصلاً فى كتبه ، وحين يرجع عن هذا المذهب لا يقول ( وكنت في بداية الطلب اميل الى القول بفناء النار ) ، وحين يرجع الى القول بأبدية النار ، يرجع من خلال بعض العبارات المجملة فى ثنايا كتبه .
سادسا : أنه استدل بقولي أبى زرعة و أبي حاتم فى عدم فناء النار .
قلت : كان من الممكن أن أقول أنه قد نقل هذا القول دون تأييد أو رفض ، وإن قال أحد أن نقله لهذا القول وسكوته عن الرد عليه إن كان خطأً ، دليل على ارتضائه به ، فأقول أنه من الممكن أن المقام لا يستدعى الرد خاصة وأنه فى النقل المذكور صفحة 50 كثير جداً من الأمور المتفق عليها عند أهل السنة والجماعة .
للتنبيه : الرد السابق مني رد سخيف جداً جداً جداً جداً جداً ؛ وذلك لأني وكل من يقرأ الكتاب لا ينكر أن لابن القيم أقوال صريحة فى أبدية النار وعدم فنائها ، فما وجه الاستدلال هنا فى هذا الوجه على أن القول بأبدية النار قول متأخر لابن القيم .
وأخيرا وضع وجهاً سابعاً ( ولست أدري كيف يكون وجهاً ) في أن الطاعن في هذه الأوجه عليه بقاطع يمنع هذا الاستدلال والتعليل .
قلت : كان من الممكن أن لا يعد هذا وجهاً من الوجوه ويقول هكذا ( وأخيراً فالطاعن عليه الدليل ...... إلخ )
وهنا تنبيهان مهمان جداً :
أولا : يجب الرجوع الي النسخة الاصلية للكتاب صفحة 54_56 ، وهي بفضل الله متوفرة على الشبكة .


ثانياً : قلت ابتداءً و أعيد أنني لست فى صدد مناقشة نسبة هذا القول الى ابن القيم (فأنا متوقف فى المسألة ) ، ولكني اتحدث عن قوة الحجة في الاستدلال التي لابد أن تتوفر عند طرح القضايا العلمية ( عسى أن يخرج من بيننا ابن تيمية اخر ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .