يَختلف النّاس في طِباعهم فمنهم من يحسن الظن بالله -تعالى- وبالنّاس من حوله،
ومنهُم من يُسيئ الظن، فتعالوا بنا لنعرف أثر كل من حسن الظن وسوء الظن :

جاءت إحدى الزوجات إلى زوجها الصالح تشتكي له سوء خُلق أصحابه، فقالت:
( إن أيسرت لزموك وإن أعسرت تركوك ) فهذا القول من الزوجة نابع من سوء الظن
بالآخرين، واسمع للظن النابع من حسن الظن؛ فقال الزوج: لا، بل هذا من كرمهم!
فإن أيسرت جاؤوني لأنَّهم يعرفون أني قادرٌ على القيام بواجيهم، وإن أعسرت لم
يأتوني حتى لا أحرج أو أضطر للإستدانة للقيام بواجبهم.

لذا ينبغي أن نحسن الظن بالآخرين، وأن تكون علاقتنا مع بعضنا البعض حسنة،
فعندما ينساق الإنسان وراء سوء ظنه لن يبقى له صديق ولا صاحب، كما أن مُلازمة
حُسن الظن والتماس الأعذار للنّاس يؤدي لقُوَّة الأُمة وتماسك المُجتمع.

يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
( إيّاكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث )
صحيح مُسلم -باب تحريم الظن



حسن الظن هو اعتقاد جانب الخير وترجيحه على جانب الشر فيما يحتمل الأمرين معًا
(موسوعة نظرة النعيم ج 10 ص 4652)



يقول الله سُبحانه وتعالى في الحديث القدسي:
( أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرًا فله وإن ظن شرًا فله )
صحيح ابن حبان باب: حسن الظن بالله.

إن حُسن الظن بالله إنما يكون مع الإحسان، فإن المُحسن يُحسن الظن بربه، وأنه
يجازيه على إحسانه، ولايخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيئ المصر على الكبائر
والظلم والمخالفات فإن كثرة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه،

قال الحسن البصري -رحمه الله-:
( إن قومًا ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهُم حسنة، ويقول أحدهم: إني
أحسن الظن بربي وكذب، فلو أحسن الظن لأحسن العمل
)
تفسير القرطبي: ج15 ص353.



قال عمر ابن الخطاب-رضي الله عنه-: لايحل لامررئٍ مُسلم يسمع من أخيه كلمة
يظن بها سوءًا وهو يجد لها في شيئ من الخير مخرجًا.


وموقف الرجل الصالح مع زوجته التي مرت معك في بداية الموضوع مثلٌ واضح على
حسن الظن بالمؤمنين، وكما يحرص المسلم على نظافة جسمه وثوبه يحرص أيضًا
على نظافة قلبه من باطن الإثم كالحسد والغل وسوء الظن ولا يتم ذلك إلا بمُجاهدة النفس.

إن حُسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المُجتمع
فلا تحمل الصدور غلاً ولا حقدًا، فإذا كان المسلم مستور الحال ولم يظهر منه فساد أو معصية
فسوء الظن به حرام.

والظن الحسن يكون بالله -تعالى- وبرسوله-صلى الله عليه وسلم- وبالمسلمين، وإن
حسن الظن وطيبة القلب تكفيان لبناء علاقة إنسانية مع اللآخرين بالطبع.



يجب وضع نفسك مكان الشخص الذي أمامك، وحمل الكلام على أحسن المعاني،
فالإنسان الطيب يفسر كلام وتصرفات الآخرين تفسيرًا حسنًا، والإنسان الفاسد
يفسر كلام وتصرفات الآخرين تفسيرًا سيئًا والعياذ بالله، أيضًا الحرص على التماس
الأعذار للآخرين فلا يجوز إدانة أحد بلا دليل، أخيرًا تجنب الحكم على النيات، لأن
النيات محلها في القلب ولا يعلمها إلا الله -عز وجل- كأن يتهم المرء إنسانًا بأنّه
يرائي دون أن يكون هناك دليل وكأنه شق عن قلبه أو واطَّلع على نيته، فالتشكيك
في غايات الناس أمر سيئ ولايجوز، هو ظلم وادعاء بغير علم، ولا يكون إلا من إنسان
شكّاك ونفسٍ مريضة.



سوء الظن هو احتمال جانب الشر وترجيحه على جانب الخير فيما يُحتمل الأمرين معاً.
(موسوعة نظرة النعيم ج10 ص4652)



قُسِّمَ سوء الظن إلى قسمين: حسن وسوء الظن  Kawaii-052

الأول : سوء الظن بالله وهو أبلغ في الذنب من اليأس والقنوط.

الثاني : سوء الظن بالمسلمين: وهو أيضًا من كبائر الذنوب وذلك أن من حكم بِشَرٍّ على
غيره بمُجرد الظن فإن ذلك يؤدي إلى احتقاره وعدم القيام بحقه وعدم إكرامه.

لكن لو وقع المسلم في سوء الظن فإن الله -تعالى- نهاه عن الوقوع في الأكبر
وهو التجسس، لأن من عواقب سوء الظن التجسس ( وهذا يوصل إلى هتك ستر المسلم )
حيث يقول صلى الله عليه ويلم:
( إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث ولا تتجسسوا...)
صحيح مسلم باب: تحريم الظن.

فإن وقعت في التجسس وهو أكبر إثمًا من سوء الظن فلا تسير في طرق الشر
لنهايتها فتغتاب أخاك المسلم، بل إن تحققت من هفوة المسلم، فانصحه في السر
ولاتغتابه وتفضحه، واعلم أن إطالة اللسان في عرضه من المهلكات، وكل من رأيته
سيئ الظن بالنّاس طالبًا لإظهار معايبهم فاعلم إن ذلك لخبث باطنه وسوء طويته،
فإن المؤمن يطلب الأمور الحسنة لسلامة قلبه، والمنافق يطلب العيوب لخبث قلبه.

ولذلك قيل: المسلم يستر وينصح والمنافق يهتك ويفضح، وفي المقابل على الإنسان
المسلم ألا يضع نفسه بموقف يجعل الناس يظنون به ظن السوء وتذكروا دائمًا
قوله صلى الله عليه وسلم: ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين )
صحيح البخاري باب: ستر المؤمن على نفسه.