السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن حزم في كتابه "ألأحكام": (( وقد غلط قوم غلطا شديدا وأتوا بأخبار ولدها الكاذبون والملحدون منها (...) ومنها أن قراءات كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقطها عثمان وجمع الناس على قراءة واحدة قال أبو محمد وهذا كله ضلال نعوذ بالله منه ومن اعتقاده))

فما قول أهل العلم في أسانيد الروايات التي ذكرت ذلك

الجوااااااااب
بل ان الغلط هو ما ادعاه ابن حزم
لأن الأحرف السبعة قد نسخت في العرضة الأخير التي عرضها جبيريل على النبي عليه السلام قبيل وفاته
وهي التي كتب بها زيد المصحف بأمر أبي بكر ثم أعاد نسخه بأمر عثمان
وقال له اذا اختلفت أنت والقرشيين الثلاثة في حرف فاكتبوه بلسان قريش فبلغتهم نزل
وهذه القصة في البخاري في أعلى درجات الصحة
أما حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف
فقد اختلفت الأقوال في توجيه الحديث لكن الذي عليه الجمهور أن ألسنة العرب كانت مختلفة ويتباين النطق عندهم من قبيلة الى أخرى كما هو واقع اليوم في اختلاف الناس عند النطق بالحروف والكلمات
فلو أن القرآن نزل بلغة واحدة لغة قريش لشق ذلك على بقية القبائل لذلك رخص لهم في النطق به على وفق ما تعودت عليه ألسنتهم كل حسب ما تيسر له من لغته
ثم نسخ كل هذا واستقر الأمر على القراءة الأخيرة التي جمع عليها عثمان رضي الله عنه الناس وأقره على ذلك الصحابة وقد عصم الله تعالى هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة لا سيما اذا تعلق الأمر بكتابه الذي تعهد بحفظه وبقائه على حاله كما أنزل , بلا تبديل ولا تحريف و لا أدنى تغيير
وبقيت قراءت شادة مخالفة لرسم المصحف كقراءة ابن مسعود واختلف العلماء في جواز القراءة بها في الصلاة بعدما اتفقوا أنها صحيحة السند اليه
لكن الجمهور على المنع من ذلك
وابن مجاهد هو أول من جمع هاته القراءات المشهورة وأراد أن يجمع أشهرها مما قرأ به أئمة القراء في المدينة و مكة والكوفة والبصرة والشام وأراد أن يجعل عددها موافقا للعدد سبعة المذكور في الحديث وهذه القراءات كلها وأكثر منها هي حرف واحد من الأحرف السبعة كما قال شيخ الاسلام ونقل اتفاق الأئمة على ذلك
قال في الفتاوى
((وهو أن القراآت السبْعَةَ هَلْ هِيَ حَرْفٌ مِنْ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ أَمْ لَا، فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ أَنَّهَا حَرْفٌ مِنْ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ، بَلْ يَقُولُونَ إنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ هُوَ أَحَدُ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْعَرْضَةِ الْآخِرَةِ الَّتِي عَرَضَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِبْرِيلَ.
وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ الْمَشْهُورَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَذَهَبَ طَوَائِفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ إلَى أَنَّ هَذَا الْمُصْحَفَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ، وَقَرَّرَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَغَيْرِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَمَةِ أَنْ تُهْمِلَ نَقْلَ شَيْءٍ مِنْ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى نَقْلِ هَذَا الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ الْعُثْمَانِيِّ وَتَرْكِ مَا سِوَاهُ، حَيْثُ أَمَرَ عُثْمَانُ بِنَقْلِ الْقُرْآنِ مِنْ الصُّحُفِ الَّتِي كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَتَبَا الْقُرْآنَ فِيهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ عُثْمَانُ بِمُشَاوَرَةِ الصَّحَابَةِ إلَى كُلِّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ. بِمُصْحَفٍ وَأَمَرَ بِتَرْكِ مَا سِوَى ذَلِكَ. قَالَ هَؤُلَاءِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْقِرَاءَةِ بِبَعْضِ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ.
وَمَنْ نَصَرَ قَوْلَ الْأَوَّلِينَ يُجِيبُ تَارَةً بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى الْأُمَّةِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَهُمْ، مُرَخَّصًا لَهُمْ فِيهِ، وَقَدْ جُعِلَ إلَيْهِمْ الِاخْتِيَارُ فِي أَيِّ حَرْفٍ اخْتَارُوهُ، كَمَا أَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ مَنْصُوصًا بَلْ مُفَوَّضًا إلَى اجْتِهَادِهِمْ، وَلِهَذَا كَانَ تَرْتِيبُ مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ مُصْحَفِ زَيْدٍ، وَكَذَلِكَ مُصْحَفُ غَيْرِهِ. وَأَمَّا تَرْتِيبُ آيَاتِ السُّوَرِ فَهُوَ مُنَزَّلٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا آيَةً عَلَى آيَةٍ فِي الرَّسْمِ، كَمَا قَدَّمُوا سُورَةً عَلَى سُورَةٍ، لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْآيَاتِ مَأْمُورٌ بِهِ نَصًّا، وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّوَرِ فَمُفَوَّضٌ إلَى اجْتِهَادِهِمْ.
قَالُوا: فَكَذَلِكَ الْأَحْرُفُ السَّبْعَةُ، فَلَمَّا رَأَى الصَّحَابَةُ أَنَّ الْأُمَّةَ تَفْتَرِقُ وَتَخْتَلِفُ وَتَتَقَاتَلُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ اجْتِمَاعًا سَائِغًا، وَهُمْ مَعْصُومُونَ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَرْكٌ لِوَاجِبٍ وَلَا فِعْلٌ لِمَحْظُورٍ))
رد مع اقتباس