أهل النبي نوعان :
1- أهل ينتسبون إليه نسب مادي وهؤلاء هم ( أسرته وأقاربه ) فأولاده هم ( أبناءه ) فهي بنوة ناتجة عن تربيته لأجسادهم تربية مادية لأنه خلفهم , وكان سببا في الوجود المادي لأجسادهم , وهو بمثابة أب مادي لجميع الأولاد بنين وبنات وهو أولى بلقب الأبوة المادية , وأزواجه أمهاتهم أمومة مادية - فهؤلاء الأولاد جزءا لا يتجزأ منه لأنه سبب وجودهم المادي في العالم المادي - وبالتالي الوالد يقول على الأولاد هؤلاء ( أهلي أتباعي مني )
2- أهل ينتسبون إليه نسب روحي وهؤلاء هم ( الذين آمنوا ) واتبعوه فهم أيضا ( أبناءه ) فهي بنوة ناتجة عن تربيته لأنفسهم تربية روحية , وكان سببا في الوجود الروحي لأنفسهم , وهو بمثابة أب روحي لجميع المؤمنين رجال ونساء وهو أولى بلقب الأبوة الروحية , وأزواجه أمهاتهم أمومة روحية - فهؤلاء المؤمنين جزءا لا يتجزأ منه لأنه سبب وجودهم وجود روحي إلى جانب الوجود المادي - وبالتالي النبي يقول على المؤمنين هؤلاء ( أهلي - أتباعي - مني )
إن لم نفهم هذه المماثلة فعذرا أخواني لم نفهم شيئا من الكتاب والسنة ( فأرجوا التدقيق والتركيز جيدا حتى يتجلى لنا النور الإلهي , ونتعمق في العالم الروحاني الذي يسير جنبا إلى جنب مع العالم المادي ) , بل الأمور الروحية هي صاحبة النصيب الأكبر في النصوص الشرعية , ويمكن للجميع التأكد من ذلك

ونستنتج مما سبق أن أي نبي عليه الصلاة والسلام :
له أهلان : منهم من الذين ينتسبون إليه نسب مادي هم أيضا أهله الذين ينتسبون إليه نسب روحي لأنهم أوائل الذين أمنوا معه برسالته , ومنهم من ينتسبون إليه نسب مادي ولا ينتسبون إليه نسب روحي , فمثلا ابن نوح من أهله ينتسب إلى نوح عليه السلام نسب مادي ولكنه لا ينتسب إليه نسب روحي وبالتالي هو ليس من أهله كما نصت الآيات الكريمة , أو إمرأة لوط عليه السلام نفس قصة ابن نوح , لأن الأهلية المقصودة في القرآن هي الأهلية الروحية لا المادية
- فيمكن أن نقول أمة إبراهيم أو آل إبراهيم وكذلك أمة محمد أو آل محمد - كلاهما صحيح , وهذه هي الصلاة والسلام على آل ( محمد ) , وكلمة أهل ومشتقاتها في الآيات الكريمة التالية كـ ( أهلي - أهلك - أهله - آل ) جميعها تعني أتباع أي الذين اتبعوا النبي - أما كلمة ( آل ) الواردة في بعض الآيات في الكتاب والسنة هي في الأصل أهل وتعطي نفس المعنى ( أتباع ) فإذا ما أُضيفت ( أهل ) إلى اسم شخص عاقل كُتبت ( آل ) - وهذه الأهلية أهلية روحية - وهذه بعض الأدلة :
- وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ............. (46)
- حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)
- وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)
- قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) ........... وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)
- فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57)
- رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ (172)
- قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60) فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)
- وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)
- فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)
- وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)
- إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)
- وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)
- وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)

الفرق بين أهل و آل :
آل أصلها أهل - فإذا ما أُضيفت ( أهل ) إلى عاقل تُقلب الهاء ألف فتُكتب أأل / آل
آل نوح - آل إبراهيم - آل عمران - أل لوط - أل ياسين - أل داوود - أل محمد
والنبي له أهلان :
1- أهلية من الناحية الروحية وهم أتباعه ( الذين آمنوا ) , وهم أهله الذين يتولى تربية أنفسهم تربية روحية ( بالوحي المنزل من السماء )
2- أهلية من الناحية المادية وهم أتباعه ( أسرته وأقاربه ) , وهم أهله الذين يتولى تربية أجسادهم تربية مادية ( بالمأكل والمشرب والنفقة عليهم
وكلمة آل محمد و أل إبراهيم المذكوران في التشهد الأخير , يراد بها أمة النبي أتباع النبي وهم ( الذين آمنوا ) , فهذه التبعية تبعية روحية , ومن ضمن هذه التبعية أسرة النبي وأقاربه يعني أهله من الناحية المادية وهؤلاء خاصته هم الذين حرموا الصدقة ووجبت محبتهم بحب رسول الله (ص)
فالصلاة أو السلام على محمد وعلى آل محمد : المراد بآل محمد الأهلية الأولى ( الروحية ) لأنها تتضمن الأهلية الثانية ( المادية ) , بمعنى أن آل محمد ( أسرته وأقاربه ) هم من آل محمد ( الذين آمنوا ) , بمعنى آخر : آل محمد ( الذين آمنوا منهم آل محمد ( أسرته وأقاربه ) بل هم أوائل الذين آمنوا برسالة محمد , , فالصلاة والسلام على محمد وآل محمد تشمل الجميع لأنها دون قرينة دالة تصرف المعنى عن ظاهره العام إلى تخصيصه إلى الأهلية الثانية كحرمة الصدقة عليهم وغيرها

ومن هم الذين منه ؟ ( أهله / أتباعه )
الذين منه كما سبق شرحه يراد بها جماعة المؤمنين الذين اتبعوه وهم ( المهاجرين والأنصار والذين جاءوا من بعدهم ) , هؤلاء هم منه أي ينتسبون إليه روحيا لأنه ولي أمرهم الروحي يربي أنفسهم يعني منه منية روحية , ومن هذه الجماعة من ينتسبون إليه قرابة مادية كأزواجه وأقاربه جميعا وهذه هي المنية المادية قرابة الدم عصبته وأصله , فالمنية الروحية هي المراد بها في الآيات التالية :
- وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)
- فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ................ (249)
- أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ .... @
- وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) يعني من جماعتكم أتباعكم المؤمنين
- وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56)

وهذه بعض الأدلة من السنة أيضا :
• حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن ناسا سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عبادته في السر قال:- فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام يسألون عما أصنع أما أنا فأصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
• سلمان منا أهل البيت
• والمهدي منا أهل البيت

خلاصة الموضوع :
أهل النبي : هم المؤمنين ( الذين أمنوا )
أما آل ( نوح إبراهيم موسى محمد .......... فرعون ) : تعني أتباعه - والمؤمنين أتباع الأنبياء أما الكفار أتباع فرعون

إذن : الذين آمنوا هم :
1- أهل البيت الحرام : كما تقدم في الموضوع السابق - من هم أهل البيت في النصوص الشرعية ؟
2- أهل النبي روحيا : كما تقدم في هذا الموضوع - من هم أهل النبي في الكتاب والسنة ؟

هذا والله تعالى أعلى وأعلم