بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

وصف الدعاء بطاعات أخرى :

1. العبادة : فعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن الدعاء هو العبادة فثم قراء (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)غافر

وفال تعالى (فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون )وقال (فاعبد الله مخلصاً له الدين ) وقال تعالى(ويعبدون من دون الله مالا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض شيئاً ولا يستطيعون ) وقال (والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون...) وقال (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49)مريم) وقال (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)الأحقاف

2. الذكر :قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الدعاء يوم عرفه وأفضل ماقلت أنا والنبيون من قبلي :لا إله إلا الله وحده لاشريك له)رواه مالك وعند الترمذي: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)وحسنه الألباني

وقال صلى الله عليه وسلم (أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله ) ومن الذكر دعاء ذي النون قال (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين ) فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله تعالى له ) . رواه الترمذي وصححه الألباني

وسئل سفيان بن عيينة عن دعاء يوم عرفه فقال إنما هو ذكر وليس فيه دعاء ثم قال :أما علمت قول الله عز وجل حيث يقول (إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائليين أما علمت قول أميه بن أبي الصلت حين أتى أبن جدعان يطلب نائله وفضله :

أأطلب حاجتي أم قد كفاني *** حياؤك أن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوماً *** كفاه من تعرضه الثناء

3. الصلاة : قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)التوبة , وقال وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99)التوبة صلوات الرسول قال أي دعواته والصلاة الشرعية هي كلها دعاء وتشمل الصلاة نوعين دعاء العبادة ودعاء المسألة .

4. الاستعانة : قال تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين ) والاستعانة هي طلب ما تمكن به لعبد من الفعل ويوجب اليسر عليه .وله فدعاء المسأله هو الاستعانة .

5. الاستعاذة : هي جزء من أجزاء دعاء المسألة .

6. الاستغاثة : طلب الغوث لرفع الشدة الواقعة .

7. الاستغفار : قال صلى الله عليه وسلم (من يدعوني فاستجب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) فذكر أولاً لفظ الدعاء ثم السؤال والاستغفار والمستغفر سائل كما أن السائل داعٍ.

8. النداء قال تعالى (ذكر رحمة ربك عبده زكريا ) وقال تعالى (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضروأنت أرحم الراحمين) وقال تعالى (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )(87)الأنبياء وقال تعالى (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ) وقال تعالى (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم.) فالنداء هو الدعاء .

الوجه الثاني : أمر الله بالدعاء :
1. قال تعالى (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) فالآية تدل على الوجوب للأمر في الآية ولأن ترك العبد دعاء ربه من الاستكبار وهو كفر
2. وقال تعالى (واسألوا الله من فضله ) .
3. وقال تعالى ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين )
4. ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى )

بيان تأثير الدعاء على توحيد الربوبية :

وهذا الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه وأنه النافع والضار ، والمتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار ، قال تعالى ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون )

فالإقرار بتفرد الله بإجابة الدعاء من توحيده في ربوبيته لأن من مقتضى الربوبية أن يربيهم بالنعم وبما يحتاجون إليه ومن ذلك إجابة المضطر وإغاثة الملهوف وكشف الكرب وإزالة الضر فهو يربي عباده بهذه النعم .

ومنها أن قد كثر ورود لفظ الرب في دعوات الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين وكانت دعوات الأنبياء جميعا يارب. وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه اسم الله الأعظم . ومنها الاعتراف بأن الله هو النافع والضار ولهذا عاب الله المشركين الذين عبدوا ما لا ينفعهم ولا يضرهم فقال تعالى (يدعو من دون الله مالا يضره ومالا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد ) .

توحيد الألوهية :

الدعاء هو العبادة :
1. مما يبين مكانة الدعاء العظيمة ومنزلته الرفيعة افتتاح القرآن واختتامه بالدعاء وسورة الفاتحة تشتمل على نوعي الدعاء : دعاء العبادة ودعاء المسألة وختم بالمعوذتين وهي كلها مبنية على الدعاء .

وسمى الله الدعاء الدين :
ـ ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين )
ـ ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) .

الدعاء يشتمل على خصائص جليلة ومزايا كثيرة لا توجد في غيره من أنواع العبادات :

1. نفع الدعاء يقع في الحياة والممات حيث ثبت انتفاع الميت بدعاء الأحياء من ولد أو والد أو قريب قال صلى الله عليه وسلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : منها ولد صالح يدعو له ) وقال تعالى ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون .... )
2. سهولة الدعاء وعدم تقيده بزمان ولا مكان ولا حال .
3. اشتماله على حضور قلبي لا يوجد في غيره ، فإن من تعبد بالصلاة والزكاة والصيام يغلب عليه فيها الغفلة فإذا دعا استدعى ذلك له حضور في قلبه .
4. اشتماله على التذلل وإظهار الفاقة وذل العبودية وعز الربوبية.

الدعاء يجتمع فيه أنواع العبادات مالا يجتمع في غيره :
1. توجه القلب إلى المدعو وقصده بكليته .
2. رجاء إجابته للدعاء والرغبة إليه رغبة صادقة مع قطع الرجاء والأمل عن غيره .
3. الخوف من عدم إجابته والرهبة والخشية منه
4. التوكل والاعتماد عليه في قضاء الحاجات .
5. تعظيم المدعو بأنواع التعظيم من التضرع والتذلل والخضوع والتملق والانطراح بين يديه .
6. ذكر المدعو باللسان واللهج باسمه في السر والعلن وندائه والاستغاثة به والهتاف باسمه .
7. محبة المدعو فإن النفس مولعة بمحبة من يحسن إليها .
8. التواضع وإظهار الفقر والحاجة والانكسار بين يدي الله تعالى و التذلل له و التبري من الحول و القوة إلا به.
9. البكاء ورفع اليدين إلى السماء .
10. الإخلاص يقوى في الدعاء بالذات .

ولقد اعتنى به القرآن أيما عناية , ومن عناية القرآن به وبضده أن مسألة الدعاء هي أعظم مسألة خالف فيها النبي صلى الله عليه وسلم المشركين فإنهم كانوا يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله تعالى وعبادته .

كما قال تعالى ( ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم و لا يضرهم و يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) وأقول إن القرآن لم يعتن بموضوع آخر مثل ما اعتنى بهذا الموضوع لأن الشرك في الألوهية هو السبب في الخلاف بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين .

ـ أغلب المشركين الأوائل الذين أرسل إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم كان في الدعاء لأن الحاجة إلى الدعاء أعظم. وإذ الافتقار والاحتياج من لوازم الإنسان والمشرك كلما وقع في مشكلة لا يخطر بباله إلا الاتجاه إلى معبوده بالدعاء .

ـ إن أصل شرك العالم هو الشرك في الدعاء وطلب الحوائج من الصالحين الميتين .

توحيد الأسماء والصفات :

o فمنها صفة العلم : إن من شأن الدعاء أن يعتقد الداعي أن مدعوه يعلم بدعائه وأحواله وما هو فيه من الكرب والشدة الفاقة والهم والغم .

وعليه فالداعي يعتقد أن المدعو عالم وعلمه محيط بجميع الكائنات وما تتحرك ذرة في السماء والأرض إلا هو عالم بها ولا يخطر على البال خاطر إلا هو يعلمه ، ولا يختلج في النفس شيء إلا وهو مطلع عليه .

o ومنها : صفة السمع والبصر : لأن من شأن الداعي أن يعتقد أن المدعو المنادى المستغاث به يسمع نداءه واستصراخه ويرى تضرعه وتذلُله وانطراحه بين يديه ومكانه في هذا العالم الفسيح المترامي الأطراف المختلطة فيه أصوات المستغيثين ونداءات المضطرين وشكايات المضطهدين .

وقد عاب إبراهيم على قومه دعاءهم لأصنامهم قال ( قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون)

وسماع أصوات الخلائق من البعد ليس إلا لله ( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون)

o صفة المعية والقرب ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) قيل في سبب نزولها أنها نزلت في سائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله الآية السابقة .

o صفة الحياة والقيومية : فالميت والنائم أو الغافل لا يستطيع التصرف لنفسه ولهذا عاب الله المشركين بدعائهم للأصنام التي ليس لها حياة فضلا عن القوامة فقال ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون )

o ومن الصفات الإرادة المطلقة والجود والكرم والرأفة والرحمة والغنى وغيرها .

o ومن أهمها صفة العلو : فإن البشر على اختلاف مستوياتهم في المعرفة واختلاف لغاتهم وتباعد أوطانهم وتباين عاداتهم وتقاليدهم اتفقوا على التوجه بالدعاء إلى السماء ورفع الأيدي إليها لا يختلف في ذلك مسلمهم وكافرهم وعربيهم وعجميهم عالمهم وجاهلهم وهذا يدل على أنه أمر فطري وضروري . ومن هنا جاءت الشريعة برفع الأيدي إلى جهة العلو تكميلا لما عليه الفطرة من اعتقاد العلو .

الرسل وشيء من دعائهم :
1. آدم عليه السلام وزوج (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) )الأعراف
2. نوح عليه السلام (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)نوح
3. إبراهيم عليه السلام (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )(41)إبراهيم
4. يوسف عليه السلام " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101))يوسف
5. موسى عليه السلام (رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) يونس (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)) طه
6. زكريا عليه السلام (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)الأنبياء
7. أيوب عليه السلام وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)الأنبياء
8. يونس عليه السلام ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا ... )
9. عيسى عليه السلام قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114)المائدة

وكذلك الصالحون :

وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250)البقرة وقول سحرة فرعون لما آمنوا: وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)الأعراف.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء وحث عليه : فمن الأحاديث :
1. ( ادع إلى ربك الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك والذي إن ضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك ) رواه أحمد وغيره .
2. ( أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام ) .
3. حديث أنس ( إن الله حيي كريم يستحيي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صفرا )
4. عن أبي هريرة ( إن لله تعالى عتقاء في كل يوم وليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة ) رواه أحمد .
5. عن أبي هريرة ( إن من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه ) .
6. وعنه رضي الله عنه ( ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء ) رواه احمد .
7. عن أبي أمامة ( ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة ... ) رواه الطبراني وحسنه الألباني .

فضائل الدعاء من السنة:

1. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" متفق عليه

2. عن شداد بن أوس رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم ( سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة) رواه البخاري

3. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ هم خير منهم وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذرعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"متفق عليه

4. عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال:" كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني" رواه مسلم

5. عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل"رواه مسلم

6. قام أبو بكر الصديق على المنبر ثم بكى فقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر ثم بكى فقال اسألوا الله العفو و العافية فإن أحد لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية رواه الترمذي

الفطرة :

الإنسان من طبيعته أنه إذا كان في سعة وعافية نسي ربه وتمرد وعصى وإذا وقع في شدة وضيق تحركت فطرته ومشاعره واتجه إلى الله ونسي ما كان يدعو إليه من قبل , ومن هنا يوقن أنه لا منقذ إلا الله وتنكشف عنه الحجب ويزول الرين وتذهب الغشاوة و ينطرح بين يدي الله منكرا متواضعا مبتهلا متضرعا باكيا ويجأر إلى الله كاشف السوء مجيب المضطرين غياث المستغيثين منقذ الهالكين جابر المنكسرين منقذ الغرقى وسامع النجوى .

فكم من ملحد نزلت به ضائقة آب إلى الله وكم من شارد فاسق وقع في مأزق ثاب إلى الله ورجع إلى طاعته ( وبعض المجرمين إذا بحثوا عنه ليكشفوا موقعه , يقول : يارب استر ) وهذا يدل على تحرك الفطرة إلى الدعاء ومعرفة أهميته . (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)يونس

آداب الدعاء الثبوتية :

1. الإخلاص في الدعاء : أهم هذه الآداب وأوكدها لأن عدم إخلاص الدعاء لله تارة يكون شركا صريحا مخرجا عن الملة وقد يكون شركا أصغر فيكون الدعاء محبطا لا يمكن قبوله واستجابته . وقد أمر الله بالإخلاص في الدعاء فقال ( فادعوه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين ) .
قال ابن مسعود ( إن الله لا يقبل من مسمع ولا مرائي ولا لاعب ولا داع إلا داعيا دعاء ثبتا من قلبه ) ولذا قيل ( إجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد وعن كمال الطاعة لأنه عقب آية الدعاء بقوله(فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي ) .

2. التوبة والرجوع إلى الله تعالى :
فإن المعاصي من الأسباب الرئيسية في منع قبول الدعاء قال نوح( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ... ) .

3. التضرع والخشوع والتذلل والرغبة والرهبة :

قال تعالى( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) وقد وصف الله زكريا بالرغبة ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) وهذا التضرع حقيقة الدعاء.

4. الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل:

ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين وثلاثا ولكن الاقتصار على الثلاث مرات أفضل اتباعا .فقد روى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا ) فكل ما أكثر العبد من الدعاء وطوله وأعاده وأبداه ونوع جمله كان ذلك أبلغ لعبوديته وإظهار فقره وتذلُله وكان ذلك أقرب له من ربه وأعظم ثواباً هذا بخلاف المخلوق .

فالله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب .

5. الدعاء في الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر والسعة :

العبد الصالح يلازم الدعاء في حالتي الرخاء والشدة وأما غير الصالح فإنه لا يلتجئ إلى الله تعالى إلا في وقت الشدة ثم ينساه . ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أوقاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ) . ( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ) ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله .... )

وفي حديث ابن عباس (تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) وعن أبي هريرة مرفوعا ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثرلاالدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي .

6. خفض الصوت بالدعاء :
( أدعوا ربكم .. ) روى أبو موسى أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم ) .

وعند النظر إلى كثير من الآيات أنه يقدم بين يدي حاجة الثناء .

أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فعن فضالة بن عبيد قال ( سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم عجل هذا ثم دعاه فقال له ولغيرهإذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بما شاء ) وروي أنه قال ( كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ) .

12. رفع اليدين : فقد بلغ حد التواتر حتى وصلت قرابة مائة حديث ومسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء ( بدعة لضعف الأدلة ).

13. تحري الأوقات الفاضلة :

فهي أرجى من غيرها :
‌أ- الأسحار ( وبالأسحار هم يستغفرون ) ( كانوا قليلا ... ) ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر . يقول ( من يدعوني ...)
‌ب- يوم الجمعة ( فيه ساعة لا يوافقها بعد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ) .
‌ج- شهر رمضان وخصوصا العشر الآواخر .
‌د- يوم عرفة يوم عظيم يستجاب فيه الدعاء . ( أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة )
‌ه- ما بين الأذان والإقامة .

14. تحري الأماكن الفاضلة :
كالمساجد والمشاعر لمقدسة كعرفة والمشعر الحرام والجمرتين وجوف الكعبة والصفا والمروة لأن هذه المواضع قد شرفها الله وتعبدنا بتعظيمها .

15. أن يتحرى الأحوال الفاضلة .
فشرف الأوقات والأماكن راجع إلى شرف الأحوال فوقت السحر وقت حصول الصفاء والإخلاص والفراغ من المشوشات ووقت رقة القلب والخشوع . وعرفة والجمعة وقت اجتماع الهم وتعاون القلوب على ذكر الله تعالى وعبادته من الأحوال حال الاضطرار (أمن يجيب المضطر إذا دعاه .... ) ومنها حال السجود ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء ..)