لله درّك يا ذا البيجادين:

كان {{ ذو البجادين }} يتيما في الصغر فكفله عمّه، فنازعته نفسه إلى إتباع الرّسول صلى الله عليه وسلّم فهمّ بالنهوض فإذا بقيّة المرض مانعة فقعد ينتظر العمّ، فلم تكاملت صحته، نفد الصبر فنداه ضمير الوجد:


إلى كم حبسها تشكو المضيقا °°°°° أثِرْها ربّما وجدت طريقا

فقال: يا عم طال انتظاري لإسلامك و ما أرى منك نشاطا. فقال: والله لئن أسلمتَ لأنتزعنّ كل ما أعطيتك. فصاح لسان الشوق: نظرة من محمّد أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها.


ولو قيل للمجنون ليلى ووصْلها °°°°° تريد أم الدّنيا وما في طواياها
لقال غبارٌ من ترابِ نِعالِها °°°°° ألذّ إلى نفسي و أشهى لبلواها
فلمّا تجرّد للسير إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم جرّده عمّه من الثيّاب فناولته الأمّ بجادا فقطعه لسفر الوصل نصفين اتّزر بأحدهما وارتدى الآخر. فلما نادى صائح الجهاد قنع أن يكون في ساقة الأحباب، والمحب لا يرى طول الطريق لأن المقصود يعينه.


ألا بلَّغ الله الحِمى مَن يريده °°°°° وبلغ أكنف الحمى مَن يريدها
فلما قضى نحبه نزل الرّسول صلى الله عليه وسلّم يمهّد له لحده وجعل يقول: { اللهم إني أسيت عنه راضيا فارض عنه} فصاح ابن مسعود: يا ليتني كنت صاحب هذا القبر.
فيا مخنّث العزم أقل ما في الرقعة البيذق، فلما نهض تفرزن.

لتيسير المعنى:
1ـ البجاد: الكساء. واسم ذو البجادين عبد الله بن عبد نهم. ولما أرادوا القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم قطعت أمّه بجادا لها قطعتين، ارتدى إحداهما وائتزر بالآخر، فسمّاه الرسول صلى الله عليه وسلّم { ذو البجادين}

2 ـ البيذق والفرزن: هما قطعتان من قطع الشطرنج الأول بمعنى العساكر والثاني وزير السلطان ومنه قولهم تفرزن البيدق: صار فرزانا، والمعنى أن الإنسان إذا نهض وجدّ في التحصيل أدرك معاني الأمور وساد.


أدام الله عليكم نعمه