قتل النفس ورطة كبيرة يصعب الخروج منها  29





عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ :
(( إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ : الَّتِي لا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا : سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ ))[1]
قَوْله ( إِنَّ مِنْ وَرَطَات ) جَمْع وَرْطَة وَهِيَ الْهَلاك ، يُقَال وَقَعَ فُلان فِي وَرْطَة أَيْ فِي شَيْء لا يَنْجُو مِنْهُ , وَقَدْ فَسَّرَهَا فِي الْخَبَر بِقَوْلِهِ الَّتِي لا مَخْرَج لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسه فِيهَا .
قَوْله ( سَفْك الدَّم ) أَيْ إِرَاقَته وَالْمُرَاد بِهِ الْقَتْل بِأَيِّ صِفَة كَانَ
قَوْله ( بِغَيْرِ حِلِّهِ ) فِي رِوَايَة أَبِي نُعَيْم " بِغَيْرِ حَقِّهِ " وَهُوَ مُوَافِق لِلَفْظِ الآيَة .
وَهَلْ الْمَوْقُوف عَلَى اِبْن عُمَر مُنْتَزَع مِنْ الْمَرْفُوع فَكَأَنَّ اِبْن عُمَر فَهِمَ مِنْ كَوْن الْقَاتِل لا يَكُون فِي فُسْحَة أَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسه فَأَهْلَكَهَا , لَكِنَّ التَّعْبِير بِقَوْلِهِ " مِنْ وَرَطَات الأُمُور " يَقْتَضِي الْمُشَارَكَة بِخِلَافِ اللَّفْظ الأَوَّل فَهُوَ أَشَدُّ فِي الْوَعِيد
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَتَلَ عَامِدًا بِغَيْرِ حَقٍّ :

(( تَزَوَّدْ مِنْ الْمَاء الْبَارِد فَإِنَّك لا تَدْخُل الْجَنَّة ))

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر " زَوَال الدُّنْيَا كُلّهَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّه مِنْ قَتْل رَجُل مُسْلِم " قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن . قُلْت : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ " لَقَتْلُ الْمُؤْمِن أَعْظَمُ عِنْد اللَّه مِنْ زَوَال الدُّنْيَا " .
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : ثَبَتَ النَّهْي عَنْ قَتْلِ الْبَهِيمَة بِغَيْرِ حَقّ وَالْوَعِيد فِي ذَلِكَ , فَكَيْف بِقَتْلِ الآدَمِيّ , فَكَيْف بِالتَّقِيِّ الصَّالِح .ا.هـ[2]