إنَّ نعمۃ اللـہ على المرأۃ المسلمۃ عظيمۃ ، ومنَّتـہ عليها ڪبيرۃ جسيمۃ ، حيث هيأ لها في

الإسلام أسباب سعادتها وصيانۃ فضيلتها وحراسۃ عفتها وتثبيت ڪرامتها ودرء المفاسد

والشرور عنها ؛ لتبقى زڪيۃ النفس طاهرۃ الخلق منيعۃ الجانب مصونۃ عن موارد التهتڪ

والابتذال محميةً عن أسباب الزيغ والانحراف والانحلال .

نعم لقد أڪرم الإسلام المرأۃ المسلمۃ أعظم إڪرام وصانها أحسن صيانۃ وتڪفل لها

بحياۃ ڪريمۃ ؛ شعارها الستر والعفاف ، ودثارها الطهر والزڪاء ، ورايتها إشاعۃ الأدب

وتثبيت الأخلاق ، وغايتها صيانۃ الشرف وحمايۃ الفضيلۃ ، وستبقى المرأۃ المسلمۃ رفيعۃ

الجانب عزيزۃ المنال صيِّنۃ الأخلاق ما دامت متمسڪةً بدينها محافظةً على أوامر ربها

مطيعةً لنبيها رسول
اللـہ صلى اللـہ عليـہ وسلم مسلِمةً وجهها للـہ مذعنةً لشرعـہ

وحڪمـہ بڪل راحۃ وثقۃ واطمئنان ، غير ملتفتۃ إلى الهمل من الناس من دعاۃ

الفاحشۃ والفتنۃ
{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا

مَيْلًا عَظِيمًا
} [النساء:27] .

إنَّ المرأۃ المسلمۃ في هذه الأزمان تتعرض لهجماتٍ شرسۃ ومؤامراتٍ حاقدۃ ومخططاتٍ آثمۃ

تستهدف الإطاحۃ بعفَّتها وهتڪ شرفها ودكَّ ڪرامتها ووأد فضيلتها وخلخلۃ دينها وإيمانها

وإلحاقها برڪب العواهر والفاجرات ؛ وذلڪ من خلال قنواتٍ فضائيةٍ مدمرۃ ، ومجلاتٍ خليعةٍ

هابطۃ ، وشَغْلها بأنواعٍ من الألبسۃ الڪاسيۃ العاريۃ ، وتهييج قلبها إلى حبِّ التشبـہ بغير

المسلمات ممن يمشين على الأرض دون إيمانٍ يردع أو خُلقٍ يزع أو أدبٍ يمنع ، وجرِّها من

وراء ذلڪ إلى منابذۃ الشريعۃ وجرِّ أذيال الرذيلۃ والبُعد عن منابع العفۃ والفضيلۃ ؛ لا مكَّنهم


اللـہ مما يريدون.

ولقد دلت النصوص الشرعيۃ أنَّ الفتنۃ بالمرأۃ إذا وقعت ترتَّب عليها من المفاسد والمضار

وسوء العواقب ما لا يُدرڪ مداه ولا تُحمد عقباه . فعن أسامۃ بن زيد رضي
اللـہ عنهما أنَّ

النبي صلى اللـہ عليـہ وسلم قال : ((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ))

[1] ، وعن أبي سعيد الخدريّ رضي
اللـہ عنـہ أنَّ النبيَّ صلى اللـہ عليـہ وسلم قال : ((فَاتَّقُوا

الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ
)) [2]. وقال عليـہ الصلاۃ

والسلام :
((الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ )) [3] أي اتخذها غرضاً لـہ لتهييج

الفاحشۃ وإشاعۃ الرذيلۃ وفتْنِ الرجال بها ، لاسيما إذا خرجت متجملۃ متعطرۃ مزيَّنۃ ، مظهرةً

لبعض مفاتنها مبديةً لبعض محاسنها فهنالڪ يعظم الشر ويتزايد الفساد .

ومن يتأمَّل التاريخ على طول مداه يجد أنَّ من أڪبر أسباب انهيار الحضارات وتفكّڪ المجتمعات

وتحلّل الأخلاق وفساد القيم وفشو الجرائم هو تبرُّج المرأۃ ، ومخالطتها للرجال ، ومبالغتُها في

الزِّينۃ ، وخلوتُها مع الجانب ، وارتيادُها للمنتديات والمجالس العامۃ وهي في أتمِّ زينتها وأبهى

حلَّتها وأڪمل تعطّرها.

والإسلام لم يفرض على المرأۃ الحجاب ولم يمنعها من تلڪ الأمور إلاَّ ليصونها عن الابتذال ،

وليحميها من التعرّض للرِّيبۃ والفحش ، وليمنعها من الوقوع في الجريمۃ والفساد ، وليڪسوها

بذلڪ حلَّۃ التّقوى والطّهارۃ والعفاف ، وتسدَّ بذلڪ ڪلَّ ذريعۃ تفضي إلى الفاحشۃ .


قال اللـہ تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب:33] ،

وقال تعالى :
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }

[الأحزاب:53] ، وقال تعالى : {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ

زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ
} الآيۃ [النور:31] ، وقال تعالى :

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن

يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
} [الأحزاب:59] . إلى غير ذلڪ من النصوص العظيمۃ

التي تهدف إلى صيانۃ المرأۃ المسلمۃ وتحقيق عفتها وحفظ ڪرامتها وإبعادها عن أسباب

الشر وبذور الفتن .

فنسأل اللـہ الڪريم أن يحفظ نساءنا ونساء المسلمين من ڪل شر وبلاء ، وأن يجنِّبهن

الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يردَّ ڪيد من أراد بهن شراً في نحره ، إنَّـہ سميع الدعاء

وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوڪيل .