من المباحث التي تكاد تكون مسلمة في كتب الأصول مسألة التخصيص بالمنفصل ، حتى أطلق بعض الأصوليين الإجماع على جوازها رحمهم الله. لكن الإجماع منقوض ، والتخصيص بالمنفصل مردود .
وهي من المسائل الحرجة في أصول الفقه ، يترتب عليها مفاسد ، منها توهين "دلالات العمومات" التي هي جوامع الكلم ، وينفث في النفوس أن الشريعة ظنية دلالاتها الغالبة ، وهي النور والفرقان والهدى والشفاء ، وهي تبيان لكل شيء ، ومرد النزاع في كل اختلاف ، قال الله تعالى (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا) وقال (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمومنين) (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تومنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تاويلا) (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) في آيات طيبات مباركات دالة على أن الشريعة محكمة ، لا أقول قطعية ، لا أحدث "مصطلحا" لم يكن من الأمر العتيق ..
وقد رد الشاطبي جواز التخصيص بالمنفصل في المسألة الثالثة من مباحث العموم من الموافقات ، حيث يقول فيه : .. وإذ ذاك لا يكون ثم تخصيص بمنفصلٍ البتة، واطردت العمومات قواعد صادقة العموم .. الخ ما قال ، رحمه الله .
وقد ذكرت هذه القضية في الصحيح المنتخل ص 370 و ص386 . هذا رابطه:
http://www.almeshkat.net/books/open....6#.VkCS39KKFdg
لا تعجل بالرد حتى تستنطق كتاب الموافقات مسائل العموم ..
واعلم أخا الإسلام أن في "أصول الفقه" بدعا دخلت في الدين بالتأويل ، لا ينكشف غطاؤها إلا بالتفقه على السابقين الأولين . وهي شوارد لم أزل ألتقطها منذ سنين ، حتى اجتمعت عندي بحمد الله جمُل ، سأبثها إن شاء الله في سِفر مفرد أسميته "تَحرير السنة من بدع الأصوليين" أو "فصول في نقد بدع الأصول". أبين فيه إن شاء الله استغناء العباد بالسنة التي رُبّي عليها علماء الصحابة رضي الله عنهم ، وألحقنا بهم غير مبدلين ولا مفتونين.