من وحى أهل الحديث
طيب النفس
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الإحكام في أصول الأحكام
للإمام المحدث الحافظ أبي محمدعلي بن أحمد بن سعيد الأندلسي القرطبي
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
طيب النفسباطل لا معنى له ، وشهوة لم يأذن بها الله تعالى ولا رسوله ، وإنما الحق حق سواء طابت النفس عليه أو كرهته ، وهذا من باب اتباع الهوى ، وقد حرم الله تعالى ذلك ، قال عز وجل : {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى(40)}[النازعات: 40]وقال تعالى : {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(50)}[القصص: 50].
فمن حكم في دين الله عزَّ وجلَّ بما استحسن وطابت نفسه عليه دون برهان من نص ثابت أو إجماع ، فلا أحد أضل منه ،إلامن جهل ولم تقم عليه حجة ، فالخطأ لا يُنْكَر ، وهو معذور مأجور ،ولكن من بلغه البيان وقامت عليه الحجة فتمادى على هواه فهو فاسق عاص لله عز وجل.
فإن ذكروا قصة إبراهيم عليه السلام إذ يقول:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}[البقرة: 260].
قيل لهم : أَفَتَرَوْنَ الخليل عليه السلام كان يشك فى صحة إحياء الله تعالى للموتى قبل أن يرى إحياء الطير؟
فإن قلتم هذا كفرتم ولو لم يُرِه الله تعالى ذلك ـــ كما لم يُر موسى ما سأل ـــ ما تخالج إبراهيم عليه السلام شك في صحة إحياء الله تعالى للموتى.
لقد وجدنا الله تعالى لم يرض في القبول في الشهادة بزنى الأمة إلا أربعة عدول لا أقل ، وإنما في ذلك خمسون جلدة وتغريب نصف عام.
ووجدنا كما اتفق جميع الفقهاء القبول في إباحة دم المسلم ودماء الجماعة باثنين ، وكذلك في القذف والقطع ، فأين طيب النفس.