[size=32]
الزور والبهتان في كلام الشِّيعة على القرآن
[/size]

[size=32] بقلم : [/size]
[size=32] الشَّيخ عز الدين رمضاني حفظه الله [/size]
[size=48]

[/size]

[size=48] [size=32]بسم الله الرحمن الرحيم [/size][/size]


من المسلَّمات الَّتي ورثتها أجيال المسلمين ، صاغر عن كابر ولاحق عن سابق أنَّ القرآن كلام الله ، سوره وآياته وكلماته ، أنزله على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أسمعه جبريل عليه السلام ، وأسمعه جبريل محمَّدًا صلى الله عليه وسلم ، وأسمعه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّته ، وليس لجبريل عليه السلام ولا لمحمَّد صلى الله عليه وسلم إلاَّ التَّبليغ والأداء .
وهو المكتوب في اللَّوح المحفوظ ، وهو الَّذي في المصاحف ، يتلوه التَّالون بألسنتهم ويقرؤه المقرئون بأصواتهم ويسمعه السَّامعون بآذانهم ، وهو الَّذي في صدور الحفَّاظ بحروفه ومعانيه ، تكلَّم الله به على الحقيقة ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو قرآن واحد منـزَّل غير مخلوق ، فمن سمعه فزعم أنَّه مخلوق فقد كفر .
وقد حفظ الله كتابه من أيدي العابثين وألسنة الأفَّاكين ، فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قال تعالى : " إنَّا نَحنُ نَزَّلْنَا الذِكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ " [ سورة الحجر ] ، وقال : " وَإنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ حَميدٍ * " [ سورة فصلت ]
وإذا تكفَّل الله بحفظ كتابه وصيانته فلا يمكن أن تطاله أيدي التَّحريف والتَّصحيف لتزيد فيه أو تنقص ولو حرفًا واحدًا ، فهو محفوظ أبد الآبدين ، كما أنَّ دين الله باق إلى قيام السَّاعة ، فاقتضى ذلك حفظ وحيه ، قرآنًا وسنَّةً ، لتقوم الحجَّة على النَّاس إلى آخر هذه الأمَّة .
ولم يزل أهل السُّنَّة والجماعة منذ العصر الأوَّل حماة لهذا القرآن ، دعاة للخلق بهداه ، عداة لمن عاداه ، وعندهم أنَّ من زعم تحريف القرآن أو الزِّيادة أو النُّقصان أنَّه كافر ، لأنَّه مكذَّبٌ لله سبحانه وتعالى ، حتَّى جاءت الشِّيعة بفرقها وطوائفها وغلاتها ومعتدليها ، ففرَّقت كلمة المسلمين ، وشقَّت عصا طاعة جماعتهم ، وخالفت معتقدهم ، فأنشأت القول بتحريف القرآن ، وأنَّه غيِّر وبدِّل ، وكذلك السُّنَّة النَّبويَّة ، لأنَّها منقولة بطريق المغيِّرين والمبدِّلين والمرتدِّين ، وجعلت من أسس المذهب الشِّيعي - وهو عند الإماميَّة الاثنى عشريَّة كذلك ، القول بوقوع التَّحريف في القرآن .
وقد سطَّر هذه الحقيقة الثَّابتة عندهم مفسِّرهم الكبير هشام البحراني في مقدِّمة تفسيره حيث قال : " وعندي في وضوح صحَّة هذا القول - بتحريف القرآن وتغييره - بعد تتبُّع الأخبار وتفحُّص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريَّات مذهب التَّشيع ، وإنَّه من أكبر مقاصد غصب الخلافة فتدبَّر " (1) .
وبذلك قال المحدِّث الشِّيعي نعمة الله الجزائري (2) رادًّا على من قال بعدم التَّحريف في القرآن : " إنَّ تسليم تواتره عن الوحي الإلهي ، وكون الكلِّ قد نزل به الرُّوح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، بل المتواتر الدَّالَّة بصريحها على وقوع التَّحريف في القرآن كلامًا ومادَّةً وإعرابًا ، مع أنَّ أصحابنا قد أطبقوا على صحَّتها والتَّصديق بها " (3) .
وقال علي أصغر البُرُوجِردي - هو من أعيان الشِّيعة في القرن الثَّالث عشر في كتابه : " عقائد الشِّيعة " فارسي (ص27 - ط. إيران ) : " وواجب علينا أن نعتقد أنَّ القرآن الأصلي لم يتَّغير ولم يبدَّل وهو موجود عند إمام العصر ( الغائب ) - عجَّل الله فرجه لا عند غيره - ، وإنَّ المنافقين (4) قد غيَّروا وبدَّلوا القرآن الموجود عندهم " .
وأقوال أعلام الشِّيعة وتصريحاتهم من فقهاء ومحدِّثين ومفسِّرين كلُّها تجمع على أنَّ تحريف الصَّحابة للقرآن عقيدة مسلَّمة عندهم ، متواترة منقولة من سلفهم غير الصَّالح إلى خلفهم في جميع الأعصار ، إلاَّ من تظافر بعدم القول بالتَّحريف تقيَّةً وتهرُّبًا من حجج المعترضين وسدًّا لباب الطَّعن عليهم ، وهم أقلُّ القليل لا يزيد عددهم على الأربعة ، ولا خامس لهم من بين المتقدِّمين كما صرَّح بذلك محدِّثهم النُّوري الطَّبرسي في كتاب " فصل الخطاب " (33،34) وقد ذكرهم بأسمائهم .
وقد نصَّ كثيرون من علماء الشِّيعة أنَّ من أنكر عدم تحريف القرآن من أعيان الشِّيعة لا ينكر إلاَّ تقيَّةً ، أقرَّ بذلك أحمد سلطان - أحد أعيان القوم في الهند - إذ قال : " إنَّ علماء الشِّيعة الَّذين أنكروا التَّحريف في القرآن لا يحمل إنكارهم إلاَّ التَّقيَّة " (5) .

كتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب " :
هذا كتاب كما يدلُّ عليه عنوانه اجتهد فيه مؤلِّفه (6) ما وسعه جهده بأسلوب كلُّه تضليل وتزييف ليثبت - على زعمه - أنَّ كتاب الله عزَّوجلَّ - قد أصابه ما أصاب أهل الكتاب من التَّزوير والتَّزييف والنَّقص والزِّيادة والتَّحريف
وقد نزل هذا الكتاب إلى الأسواق والمكتبات في إيران وتناقله أيدي العامَّة والخاصَّة ، وغزَا الدُّور والمجالس العلميَّة في قُم وشيراز وأصفهان وكربلاء والنَّجف حيث علماء الشِّيعة وحجج الإسلام الكبرى والصُّغرى ! وآيات الله العظمى ! وأنصار أهل البيت - زعموا - ، ولم يحرِّك جمعُهم ساكنًا ، ولم ينتصر أحد منهم لدين ربِّ الأرباب ، بل فرحوا واستبشروا بظهور الكتاب واعترفوا لصاحبه بالفضل والعرفان ، وأكرموه وبجَّلوه وصنَّفوه في زمرة
" آيات الله " واعترفوا بجميله في الحياة وبعد الممات ودفنوه في العتبات المقدَّسة - كما يسمُّونها - بالنَّجف ، وخلدوا اسمه بترجمة حافلة في كتاب " شرح حال رجال إيران في القرن 13،12 ،14 "
ومع أنَّ هذا الكتاب لـمَّا ظهر في إيران سنة (1298 هـ ) قامت حوله ضجَّة ، لأنَّهم كانوا يريدون أن يبقى التَّشكيك في صحَّة القرآن محصورًا بين خاصَّتهم ، ومتفرِّقًا في مئات الكتب المعتبرة عندهم ، وأن لا يجمع ذلك كلُّه في كتاب واحد يطَّلع عليه خصومهم فيكون حجَّة عليهم ، ولـمَّا أبدى بعض عقلائهم هذه الملاحظات ، خالفهم فيها مؤلِّفه وأصرَّ في المضيِّ على نهج السَّابق ، وألَّف كتابًا آخر سمَّاه " ردُّ بعض الشُّبهات عن فصل الخطاب " وقد كتب هذا الدِّفاع في أواخر حياته قبل موته بنحو سنتين (7)

مقولات الشِّيعة المخزية في القرآن :
في هذا العنوان إشارات ولمحات من مخازٍ وفضائح بيِّنات تكشف ما عند القوم من سوء الاعتقاد وسَقَط القول وفساد العمل اتِّجاه كتاب ربِّ البريَّات ، منقولة من مصادرهم ومراجعهم المطبوعة الَّتي بين أيدي النَّاس اليوم ، وأمَّا المخبوءة فالله أعلم بمضمونه ومكنونه ، فمن ذلك :
قولهم : إنَّ في القرآن نقصًا من سور وآيات ، وكلُّ ما ورد فيه في فضل علي رضي الله عنه وأئمَّة آل البيت فهو مبتور ، وعندهم سورة تسمَّى سورة
" الولاية " مذكور فيها ولاية علي ، صرَّح بذلك عالمهم النَّجفي النُّوري الطَّبرسي في كتاب " فصل الخطاب " (18) وأخرى تسمَّى سورة " النُّورين "
كما قاموا بإقحام كلمة " في علي " بعد آية فيها لفظ " أنزل الله " أو " أنزل إليك من ربِّك " وأشباه ذلك من الآيات (8)
وجاء تحريف الإماميَّة لآيات من كتاب الله في تفاسيرهم المعتمدة ، من ذلك ما جاء في قوله تعالى : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للِنَّاسِ "[ آل عمران :110 ] ، حيث زعموا أنَّها نزلت : " كنتم خير أئمة أخرجت للنَّاس " (9) .
قولهم : إنَّ القرآن لم يجمعه إلاَّ الأئمَّة - أي : أئمَّة الشِّيعة الاثني عشر - وإنَّهم يعلمون علمه كلَّه (10)
وأصل هذه المقالة ترجع لابن سبأ القائل بـ : " أنَّ القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند عليٍّ (11) ، وقد استفاض ذكر هذه المقالة في كتب الإماميَّة ، وزعموا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ الله أَنْزَلَ عَلَيَّ القُرآنَ وَهُوَ الَّذي مَنْ خَالَفَهُ ضَلَّ ، وَمَنْ يَبْتَغِي عِلْمَهُ عِنْدَ غَيْرَ عليٍّ هَلَكَ " (12) .
قولهم : إنَّ القرآن لا يكون حجَّة إلاَّ يقيِّم ، كما في " أصول الكافي " (1/188) ، وتنشر هذه المقالة في كتب الإماميَّة المعتمدة (13) ، وهم يعنون بذلك أنَّ النَّص القرآنـيَّ لا يمكن أن يحتجَّ به إلاَّ بالرُّجوع لقول الإمام .
وهذا يعني أنَّ الحجَّة في قول الإمام لا في القرآن ، ولهذا أطلقوا على القرآن في المصحف : القرآن الصَّامت وسمَّوا الإمام : القرآن النَّاطق ، وينسب الإماميَّة هذا القول إلى عليٍّ رضي الله عنه
(14) .
قولهم : إنَّ هنالك مصحفًا اسمه مصحف فاطمة ، وأنَّ فيه مثل قرآننا هذا ثلاث مرَّات (15) .
قولهم : إنَّ في القرآن آيات سخيفة ، صرَّح بذلك أكبر علمائهم : النُّوري الطَّبرسي كما في كتابه :" فصل الخطاب " وعندهم أنَّ سورة يوسف من يقول بتحريف القرآن - الثقل الأكبر - لأنَّه مجتهد ، وأمَّا الَّذي ينكر ولاية عليّ - الثقل الأصغر - فإنَّه كافر لا شكَّ في كفره (17) .
ومقولاتهم المعبِّرة عن معتقدهم السَّيِّء في القرآن لا تكاد تحصى ، ويكفي أنَّ عندهم ما يزيد عن ألف حديث وضعوها في زعمهم وقوع التَّحريف في القرآن (18)
بعض من مصادر الشِّيعة ( الروافض ) المتضمِّنة للقول بتحريف القرآن وإهانتهم له (19)
- فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب : لحسين بن محمَّد بن النُّوري الطَّبرسي ، وهو من أجمع كتب القوم في إثبات عقيدتهم الضَّالَّة من خلال الأخبار والآثار المتواترة عن علماء الشَّيعة
- الأصول من الكافي : للكليني ، وهذا عند الشِّيعة بمثابة صحيح البخاري عند أهل السُّنَّة .
- مشارق الشُّموس الدُّريَّة في أحقِّيَّة مذهب الأخباريَّة ، للسَّيِّد عدنان البحراني ( منشورات المكتبة العدنانيَّة . ط / البحرين )
- آراء حول القرآن : الفاني الأصفهاني ( دار الهادي بيروت ط. الأولى 1411 هـ )
- الدُّرر النَّجفيَّة: يوسف البحراني ( نشر مؤسَّسة آل البيت لإحياء التُّراث )
- مرآة العقول للمجلسي ( دار الكتب الإسلاميَّة .ط الثَّانية 1404 هـ )
- مفاتيح الجنان : لعبَّاس القمِّي ( دار ومكتبة الرَّسول الأكرم - بيروت ط. الأولى 1418 هـ )
- تفسير الصَّافي : محمَّد الفيض الكاشاني ( دار الكتب الإسلامية . طهران ط.1419 هـ )
- إلزام النَّاصب في إثبات الحجَّة الغائب : على الحائري ( الأعلمي للمطبوعات - بيروت ط4 . 1397 هـ )
- نور البراهين : نعمة الله الجزائري ( مؤسَّسة النَّشر الإسلامي - جماعة المدرِّسين - إيران قم )
- التِّبيان في تفسير القرآن : أبو قاسم الخوئي ( مؤسَّسة النُّور للمطبوعات - بيروت . الثَّانية 1407 هـ )
- الأنوار الوضيَّة في العقائد الرَّضويَّة : حسين البحراني ( ط1/ 1406 هـ )
- القرآن في كلام الإمام الخميني ( ط/ مركز الإمام الخميني الثَّقافي - بيروت / لبنان )
ومصادر الشِّيعة النَّاقلة لهذا الباطل الَّذي لا يخفى على من له مسكة من عقل ، فضلاً عن دين ، كثير وكثيرة جدًّا ، فقاتل الله الرَّافضة ما قدروا الله حقَّ قدره ، ولا غاروا على كتابه ، فحفظوه وبجَّلوه وقرؤوه كما قرأه أهل ملَّة الإسلام.


=====================================
(1) : " البرهان في تفسير القرآن " مقدِّمة الفصل الرَّابع (94) ط/ إيران .
(2) : نسبةً إلى جزائر العراق.
(3) : " الأنوار النُّعمانيَّة " (2/573) .
(4) : يقصد الصَّحابة رضي الله عنهم ، عليه من الله ما يستحقُّ .
(5) : تصحيف كاتبين (18) ط/ الهند.
(6) : هو الحاج ميرزا حسين بن محمَّد تقي النُّوري الطَّبرسي ، أحد كبار علماء النَّجف ، ألفَّ كتابه هذا سنة (1292 هـ ) عند القبر المنسوب إلى عليٍّ رضي الله عنه في النَّجف ، جمع فيه مئات النُّصوص عن علماء الشِّيعة ومجتهديهم في مختلف العصور بأنَّ القرآن قد زيد فيه ونقص منه .
(7) : " الخطوط العريضة " لمحبِّ الدِّين الخطيب (12) يتصرّف يسير ، وانظر لمزيد بيان حول هذا الكتاب : " الشِّيعة والقرآن " لإحسان إلهي ظهير ، وكتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب ، عرض ونقد " تأليف محمَّد حبيب .
(8) : انظر " أصول الكافي " للكليني (1/417) .
(9) : انظر تفسير القمِّي (1/110) ، ولمزيد من أمثلة التَّحريف في تأويل القرآن يُنظر ابن عوض الجارحي (238،244) .
(10) : " أصول الكافي " للكليني (1/228) .
(11) : " أحوال الرِّجال " للجوزجاني (38) .
(12) : " أمالي الصِّدوق " (40) ، " وسائل الشِّيعة " للحرِّ العاملي (18/138،149) ، " تفسير فرات الكوفي " (91) ، نقلاً من " منهج الشِّيعة الاثني عشريَّة في تفسير القرآن " (234) .
(13) : انظر " علل الشَّرائع " للقمِّي (192) ، " رجال الكشِّي "(42) ، " المحاسن " للبرقي (268) .
(14) : " أصول الكافي " للكليني (1/61) ، (2/25) .
(15) : المصدر السَّابق .
(16) : " الفروع من الكافي " للكليني (5/516) .
(17) : " الاعتقادات لابن بابويه القمِّي " (103) و " الأنوار الوضيَّة في العقائد الرِّضويَّة " لحسين البحراني (28)
(18) : انظرها مفصلَّة في كتاب " الشِّيعة والقرآن " لإحسان إلهي ظهير .
(19) : نقلت عمدًا هذه المراجع كلِّها من كتاب : " علماء الشِّيعة يقولون " وهي من إعداد مركز إحياء تراث آل البيت : لأنَّ فيها تصويرًا لوثائقهم من كتبهم الأصليَّة .



المصدر : العدد السَّادس والعشرون / مجلة الإصلاح - الجزائر

__________________
كانَ ابنُ المبارَك يقولُ: «يَا ابْنَ المبارك! إِذَا عَرَفْتَ نَفْسَكَ، لَمْ يَضُرَّكَ مَا قِيلَ فِيكَ»